باتت قضية الاعتداءات الجسدية، وبخاصة على الأطفال، قضية رأي عام، يطالب كثيرون بوضع حلول عاجلة لها وتفعيل قوانين صارمة تحدّ من مضاعفاتها وتأخذ على يد السّفيه، وأنظمة من شأنها نشر الوعي وطرق التأهيل النفسي للضحية والمُعتدي. واطلعت أخيرا على أهداف ومحاور ورش العمل التي ترعاها "إدارة التدريب والتطوير والأنشطة بالهيئة الملكية بينبع"، ومن ضمنها: مفهوم الاعتداء الجنسي على الطفل وأنواعه، والصفات النفسية والسلوكية للمُعتدين جنسيا، والأعراض النفسية والجسدية على الطفل المُعتدى عليه، إضافة إلى أسباب خوف الطفل من البوح عن الاعتداء، وسكوت الأهل عن الحادثة، وسُبل الوقاية، وكيفية التعامل المِهني مع الموقف بعد حدوثه. ولم يفت برنامج الأمان الأُسري، التوجه بالإرشاد للأطفال في مراحل تعليمية مُبكّرة، لتكريس زرع الثقة في نفوسهم، وتعزيز تقدير الذات، وتدريبهم على حماية أنفسهم وأعضائهم الخاصة ضد أي مبادرات إيذاء أو تحرّش عن طريق مفهوم "جسدي مِلْكي"، إضافة إلى زيادة وعيهم "بقوانين اللمس". وبحسب آراء بعض المختصين في هذا المجال، يُعد ضعف الوازع الديني - كالعادة - و المُشكلات الأُسَرية، وانفصال الوالديْن، من عوامل انتشار الاعتداءات الجنسية، كما أن ليس للتحرش الجنسي عُمر محدد، إلا أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ودون السادسة من العمر، أكثر الفئات تعرّضا للإيذاء الجنسي، نتيجة تركهم مع السائقين والخادمات دون رقابة، حيث قد تصل نسبة الأطفال المتعرضين للتحرشات اللفظية والجسدية إلى (80 %)، كما لوحظ أن معظم المتحرّشين، قد تعرضوا سابقا لحوادث مماثلة، يقومون بعدها بممارستها ضد غيرهم. وأرى من الضروري على مؤسسات الدولة المعنية، تفعيل برامج وطنية وحملات إعلامية، وتنظيم نشاطات توعوية للتعريف بأنواع الاعتداءات الجسدية ومن أهمها الجنسية، ومواجهتها بشفافية والاعتراف بانتشارها، وعمل الدراسات الميدانية لرصدها وأسبابها ونتائجها النفسية والاجتماعية، إضافة إلى توفير الحماية والدعم للناشطين في هذا المجال الإنساني، حيث يشتكي بعضهم من الهجوم والانتقاد غير المبرر، الذي قد يصل للقذف والتهديد، من بعض المضطربين شخصيا، وأصحاب العاهات الفكرية والعلل السلوكية، بحجة أن مثل هذه البرامج والدورات التوعوية تنشر الرذيلة، في وقت لم تركن فيه المجتمعات المتقدمة إلى وازع الدين والأخلاق فحسب، لحماية الإنسان من الاعتداء على جسده وكرامته ومشاعره، بل نشطت في تطبيق قوانين محددة يتم مراجعتها بانتظام، في المدارس والجامعات والمؤسسات وغيرها، للتأكد من صلاحيتها للتطبيق، ورصد نتائجها الإيجابية على سلامة الإنسان، وحماية أعضائه من العبث. [email protected]