ونحن نعيش هذه الأيام روعة فعاليات الدورة 29 للمهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادرية ، الذي يحظى برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - وينظمه سنوياً الحرس الوطني هذه المؤسسة التي تحمي الوطن بيد وتساهم في بناء فكر وثقافة الوطن بيد أخرى ، نتذكر تراث الآباء والأجداد الحافل بالذكريات الجميلة والتاريخ العبق والماضي التليد ، هذا المهرجان أصبح تظاهرة ثقافية وتراثية كبرى على خارطة المشهد الثقافي السعودي ، ونحن نعيش هذه الاحتفالية الجميلة تذكرت الاهتمام المحمود بإحياء التراث الذي بدأ يتزايد بالتوازي بين عدة جهات ومؤسسات ومناطق ومحافظات في بلادنا الغالية ، فشهدت إجازة الربيع الماضية قبل أكثر من شهر ، الدورة الأولى لمهرجان جدة التاريخية والذي حمل شعار ( كنا كدة ) ولقي إقبالاً شعبياً حافلاً وحضوراً طاغياً من جميع شرائح المجتمع وافتتحه سمو أمير منطقة مكةالمكرمة بحضور سمو رئيس هيئة السياحة والآثار ، وشهدت نفس الفترة الدورة الأولى لمهرجان ( الحارة المكية ) ، والذي حظي هو الآخر باهتمام شعبي كبير ، وبعد شهر تقريباً سيقام مهرجان ( الطائف عاصمة المصايف العربية ) وهو مهرجان سياحي وتظاهرة ثقافية وفكرية تستمر فعالياتها المتنوعة لمدة عام كامل ، وتعزز مكانة الطائف المأنوس على خارطة السياحة العربية وتؤكد مكانتها في المستقبل المأمول لصناعة السياحة في المملكة والوطن العربي ويحظى باهتمام سمو أمير منطقة مكةالمكرمة ومتابعة دؤوبة من معالي محافظ الطائف . إن الاهتمام بالتراث وإحياء الموروث ، وإن أغفلناه ردحاً من الزمن لسبب أو لآخر ، وجب إعادة الاهتمام به وعلى أعلى المستويات. إن هذه المهرجانات والفعاليات المختلفة تحكي مسيرة ثقافية حافلة ساهمت بفعالية في إحياء التراث الإنساني السعودي ، والاهتمام بالموروث الشعبي ، والمساهمة الفاعلة والبنّاءة في التقاء شرائح ألوان الطيف من جميع أنحاء الوطن في شراكة مجتمعية رائعة وملحمة وطنية جميلة على صعيد واحد . وتعيد للأذهان تلك الحِرَفْ والمِهَنْ اليدوية التي اندثرت ، وتبرز تفاصيل مجتمعنا الجميل في بداياته ، وتحكي للأجيال تلو الأجيال كفاح آبائنا وأجدادنا حتى تكَوِّن هذا الوطن المترامي الأطراف الشامخ البنيان السامق في المجد ، كما تحكي قصص سير شعبية وطنية من الماضي الأصيل لربط ذلك بالحاضر الجميل تعلم وتعليم ومشاهدة واطلاع وتذكر وتذكير عبر صفحات التاريخ ومساقات الجغرافيا في وطن العز والشموخ الذي نستظل بخيراته ونعيش أمنه وأمانه . إن هذه المهرجانات بدءاً بالجنادرية ومروراً بالحارة المكية أو جدة التاريخية أو الطائف عاصمة المصايف ، وغيرها تظاهرات حضارية رفيعة المستوى وأحداث حضارية إنسانية سامقة البنيان تدل على فعل تنويري يجسّد قيمة الوعي وقمة الحضارة ، وقصص جميلة ورائعة يتواصل ارتباطها بالإنسان السعودي الأصيل عاماً يتلو العام ، وعروس رائعة تتألق في البحث عن كنوز التراث لتقدمها للمواطن السعودي التوّاق للأصالة والمرتبط بأطهر ثرى وأقدس بلد . أمنياتنا لهذه المهرجانات الجميلة الاستمرار وكل ازدهار والتعاون الفعَّال مع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والأندية الأدبية وهي تحمل على عاتقها أهدافاً نبيلة لإحياء التراث وإثراء الساحة الثقافية ، وتسهم في رسم البسمة على وجوه الأبناء وتعزز التواصل العائلي والاجتماعي بين أطياف المجتمع في ربوع الوطن الغالي ، وتمد جسوراً متينة للتواصل الثقافي بين الدول والشعوب وتعزيز المعرفة الإنسانية بين المجتمعات البشرية . وهي بذلك تلعب دوراً فاعلاً في إثراء الحركة الثقافية وأحداثاً بارزةً على المسرح الثقافي عربياً وإقليمياً ودولياً مما يمثل قيمة مضافة تعكس قيم الإنسان السعودي النبيل وأصالة معدنه وتطور ثقافته . [email protected]