سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الثقافة اليابانية من وجهة نظر عربية كيف نغذي فكرًا، ونعزز قيمًا، ونربي جيلاً، يعرف معاني السمو الخلقي، والالتزام بالرفيع من الأقوال والأفعال؟ كيف نعظم الأمانة ونؤديها على الوجه الذي يرضي ربنا جل في علاه؟!
بين يديَّ كتاب إلكتروني بعنوان: (العرب من وجهة نظر يابانية) للكاتب الياباني «نوبوأكي نوتوهارا»، يتحدث فيه عن وجهة نظره عن العرب وطريقة تفكيرهم وحياتهم، ويستعرض في مقدمة كتابه «ملامح الحياة العربية»، واتخذ من القاهرة مثلاً، كيف يرى القلق والمعاناة في حياة الناس، وكيف يتعامل الإنسان العربي مع أخيه في الشارع، وفي الباص، وفي الدوائر الحكومية، وحالات اليأس والإحباط السائدة في المجتمعات العربية. توقفتُ قليلا لرؤية الياباني عن العالم العربي، وأن ما يحدث في كل قطر فيه لا يختلف كثيرًا عن قطر آخر في طريقة التعامل، والبيروقراطية والتذمر، والتسويف في قضاء حاجات الناس، والاستخفاف بقيمة وأهمية الوقت المهدر، ثم التعامل بين البشر يكون بناء على المصالح والجاه والمكانة الاجتماعية. هذا تشخيص لواقع المجتمعات العربية بمجملها، فهل نعي مصدر العلّة حتى نصرف الدواء، كل فرد منّا معني بهذا الكلام، فالعلة تنبع من ثقافة وتربية الفرد في مجتمعه. في زيارتي الأخيرة لجمهورية مصر العربية حزنت كثيرًا للوضع الذي وصل إليه الناس هناك، ترقّب وحُزن ودعوات بأن يكشف الله عنهم وعن كل محزون مكروب كربته، والأمل كل الأمل في مستقبل مشرق لمصر، ولكل البلاد العربية. هناك تابعت فيلمًا سينمائيًّا يتحدث عن ثقافة (شعب الساموراي الياباني)، والقيم التي ألزم نفسه بها، واحترمها وتوراثها عبر الأجيال، لها ما لها وعليها ما عليها، ولكل شعب ثقافته. شعرت بالسعادة تغمرني وابني الصغير الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره عندما شاهد بعينيه موقفًا يحكم فيه القائد على أحد الزعماء من الساموراي بأن يقتل نفسه، فسألني ابني أليس قتل النفس حرام يا أمّاه؟ اطمأن قلبي أن ابني تلقَّى تعليمًا جيدًا يُنمِّي لديه مهارات التفكير الناقد، فيحكم على ما هو صواب وما هو خطأ. العبرة في كيف نُغذِّي فكرًا، ونُعزِّز قيمًا، ونُربِّي جيلاً جديدًا، يعرف معاني السمو الخلقي والالتزام بالرفيع من الأقوال والأفعال، كيف نُعظِّم الأمانة ونؤدِّيها على الوجه الذي يرضي ربنا جل في علاه، كيف نُعالج ضعفًا قد تسرب إلينا في غفلةٍ منّا فضاع الإحساس بالمسؤولية، وشاع الفساد في كثير من أمور حياتنا. اليابان واليابانيون مضرب الأمثال في حب العمل والإتقان والإخلاص، لهم ثقافتهم ولهم حياتهم، جميل أن نطّلع على ثقافات الآخرين، ونتعلّم منهم الطيّب من القول والفعل، مع الاعتزاز بهويتنا وثقافتنا. لا نريد أن يكثر بيننا جلد الذات، أو البكاء على الأطلال ونقول: كنا وكانوا، بل نريد أن نقول نحن من سيُغيِّر حياتنا إلى الأفضل بالفعل والعمل الدؤوب والصدق مع النفس ومحاسبتها، لنبدأ ببيوتنا وبمدارسنا وجامعاتنا، والكرة في ملعب أرباب التربية والتعليم، فهم المعوَّل عليهم بعد الله ليكونوا قدوة صالحة لغيرهم. نبض التربية: بدون المعلم لن ترتقي أمة من الأمم، إلى كل معلم ومعلمة: اتقوا الله في الأمانة التي بين أيديكم، أنتم من تزرعون بذور الفكر والخلق والقيم في عقول أبنائنا، فلتكونوا أحرص الناس على رعايتها وتزويدها بالغذاء الروحي والحب الحقيقي حتى تثمر غدًا ثمارًا يانعة نفرح بها جميعا. كلنا يحلم بمجتمع آمن مطمئن متآلف؛ يعمل كل أفراده من أجل الوطن، وتميّزه بين الأمم. [email protected] [email protected]