لازالت أصداء نجاح مهرجان جدة التاريخية تتواصل إلى اليوم بعد حوالي أسبوع من انتهاءه، فجميع من ذهب إليه اشاد بما شاهده في المهرجان في منطقة وسط البلد بين التراث العريق ورواشين جدة البديعة الجمال مع فعاليات رائعة، وحتى الذين لم يسعفهم الحظ بالحضور سمعوا عنه الكثير وتمنوا لو أنهم ذهبوا وشاهدوا بأنفسهم روعته. الحقيقة هذا النجاح المميز الذي تحقق للمهرجان لم يكن وليد صدفة، بل نتيجة جهود كبيرة قامت بها عدة جهات، في مقدمتها محافظة جدة بقيادة سمو المحافظ صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز الذي أولى هذا المهرجان اهتمامه الخاص، فكانت النتيجة هذا النجاح الكبير للمهرجان الذي يقام لأول مرة، ورغم ذلك كان نجاحه لافتًا، ويكفي أن حوالي 800 ألف زاروا المهرجان في عشرة أيام ما بين نساء وأطفال ورجال، وهذا العدد الكبير يؤكد مدى نجاحه وتميّزه، وأيضًا كان للفعاليات الشعبية دور كبير في جذب الجماهير التي عاشت ليالي رائعة من ليالي زمان في جدة، فالبليلة والكبدة كانت حاضرة، والضومنة والكيرم في كل مكان، والطرب الشعبي الأصيل كان يُمتع الحضور بالأهازيج الرائعة، وحتى السينما كانت موجودة لتعيد لنا ذكريات أيام زمان في جدة حين كانت «أحواش» السينما منتشرة في كثير من أحياء جدة، وفي المهرجان كان وجود السينما من خلال عرض أفلام وثائقية هادفة بحضور عوائل وفي موقع مرتب ومنظم، هذا بالإضافة إلى كثير من الفعاليات الثقافية والفنية والرياضية التي قدمها المهرجان، ليعيد لنا صياغة تاريخنا الماضي الجميل بنكهة العصر الحديث. ولا أملك في هذه المساحة المتواضعة إلا أن أقدم كل الشكر والتقدير لجميع من كانوا وراء نجاح هذا المهرجان الرائع، وأكرر كل الشكر والتقدير لسمو الأمير مشعل بن ماجد، ولجميع مسؤولي ومنسوبي محافظة جدة ومنهم وكيل المحافظة الأستاذ محمد الوافي، وللأستاذ عبدالله بن ضاوي، وللجهات الأخرى والتي منها «مقعد جدة وأيامنا الحلوة» ومجموعة قلب جدة وغيرهم، ولأبناء جدة الكرام وفي مقدمتهم العمدة عبدالصمد محمد محمود عبدالصمد، ولو أحببت أن أذكر كل إنسان أصيل باسمه فإن أضعاف هذه المساحة لا تكفي، ولكن كل التقدير لكل من كان وراء هذا النجاح وهذا التميّز. كما كان لتشريف صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة لحفل افتتاح المهرجان دفعة قوية لإنطلاقة متميزة، وخاصة أن هذا المهرجان هو أول حضور لسموه بعد توليه مسؤولية إمارة المنطقة. وكذلك لاشك كان لحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس العام لهيئة السياحة والآثار حافزًا ملهمًا لأن ينطلق المهرجان بهذه القوة وبهذا التميّز طوال لياليه العشرة الجميلة، فالمنطقة التاريخية تشهد لسموه بالفكر الرائع الذي قدمه لها وباقتراحاته التي حوّلت المنطقة إلى مزار تراثي سيصبح يومًا ما عالميًا بمعنى الكلمة. ولاشك أن النجاح الذي تحقق للمهرجان يدفعنا إلى المطالبة بالبدء والتجهيز ووضع الأفكار والمقترحات لمهرجان العام المقبل من الآن، وصحيح أن الوقت لازال مبكرًا على ذلك، ولكن التخطيط المبكر سيحقق إضافات جديدة، فمن الآن نضع وندرس أي سلبيات لنحاول تلافيها مستقبلا، وأي إيجابيات تحققت سنعمل على تجديدها، ولعل أهم مشكلة في المهرجان والتي يجب وضع حلول ناجعة لها هي مشكلة مواقف السيارات. مهرجان جدة التاريخية أتمنى أن أراه عامًا بعد عام يسير إلى الأفضل والأحسن وهذا لن يكون إلا بالتخطيط المبكر. إحساس «ذهب الهوى بمخيلتي وشبابي وأقمت بين ملامة وعتاب هي نظرة كانت حبائل خدعة ملكت عليّ بديهتي وصوابي» واليوم يمكن تقولي يا نفسي إنك سعيدة تشهد على صدق قولي دقات قلبي الجديدة وأنا في درب الهلاك ظهرت لي يا ملاك غيّرت مجرى حياتي شفت السعادة معاك.