عاش الكاتب أكثر من أربعين عامًا في التربية ومجالاتها التطبيقية، ومارس كل جوانبها، ومن ذلك ترأسه لجنة قضايا المعلمين فترة طويلة، والذكريات التي يختزنها ترصد المئات، منها: ما يتعلق بمشكلات المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، ومنها ما يتعلق بقضايا تربوية وعلمية، وينقل منها للأعزاء القراء والقارئات قضية طريفة وقعت لأحد المعلمين أثناء ما كان الكاتب مديرًا عامًا للتربية والتعليم بمنطقة المدينةالمنورة، والقضية تتعلق ب(لميس)، حيث إن المعلم المتهم ذَكَرها – ضمن مساحات الإنترنت – وذكر لها أي: ل(لميس) رموزًا وتشبيهات مثل الكعبة والكلمات (ركعًا وسجودًا) ولولا تلك التشبيهات والكلمات لما تمّ استدعاؤه، وكان ما كتبه يقترب من ديوان شعر صغير (إن جاز تسمية تعبيراته شعرًا)، وقد تم استدعاء المعلم المتهم إلى مكتب مدير عام التربية والتعليم فإذا هو شابٌ في مقتبَل العمر يظهر من كلامه أنه مؤدب وعلى ثقافة ما، وسمح له بالخروج من المكتب، وقد شكّلت لجنة لهذه القضية واجتمع معها المدير وكان بجواره أحد أعضاء اللجنة له علاقة وزمالة سابقة، وقد سأله المدير العام عن اسم لميس، فقال له عضو اللجنة: إنه اسمٌ تركي، فقلتُ له: لماذا؟ قال: لأن الممثلة التركية التي استهوت بعض الشباب اسمها لميس، فكتبتُ قصاصة ورقة لعضو اللجنة المذكور وقلت: الحبُّ مع مرور الأيام تنطفئ لواعجُهُ إلا حبّ لميس يزداد اشتعالاً.. ونار الصب تذكو ثم تخبو ونارُ صبابتي نار المجوسِ فاستعاذ وقال: حتى (أنتَ) سحرتْك لميس، فقلتُ: إنني لم أرَ لميسًا التركية ولا حتى صورتها، ولم أشاهد التمثيلية أصلاً؛ لأن بيت الشعر الذي كتبته من الشعر العربي ولميس من أسماء النساء العربيات في الجاهلية والإسلام، مثل: دعد، فوز، أسماء، ليلى، هند، ريا، النوار، زينب، واشتهرت لميس ابنة عم عمرو بن معد يكرب الذي كان يعرف بأبي ثور، ووفد على النبي صلّى الله عليه وسلّم في السنة العاشرة من الهجرة في المدينة، وأسلم وحسن إسلامه، وعاش إلى أيام عثمان رضي الله عنه. وكان لعمرو سيف مشهور يقال له الصّمْصَامة، وقيل: أن هذا السيف هو أحد سيوف خمسة أهدتها بلقيس إلى سليمان وهي: ذو الفقار وذو النون ومجذوب ورَسوب والصمصامة. فأما ذو الفقار فكان للنّبي صلّى الله عليه وسلّم أخذه من منبه بن الحجاج يوم بدر، والسيفان مجذوب ورسوب فكانا للحارث بن جبلة الغساني، وكان ذو النون والصمصامة لعمرو بن معد يكرب الذي ذكر لميس في شعره في الجاهلية حيث قال: لمّا رأيتُ نساءَنا يَفْحَصْنَ بالمعزاءِ شدّا وبَدَت لميس كأنها بدرُ السماء إذا تبدّى وبدت محاسنُها التي تخفى وكان الأمرُ جِدّا نازلتُ كبْشَهم ولم أرَ من نزال الكبْش بدّا وقال عمرو بن معد يكرب في ابنة عمه لميس أيضًا: تظن لميسُ أن الليثَ مثلي وأقوى همةً وأشدُّ صبرا لقد خابت ظنونُ لميسَ فيه وأضحى البَرُّ خِلْوًا منه صِفْرا كما اشتهر اسم (لميس) في الشعر العربي في صدر الإسلام، حيث قال أحمد بن محمد بن الحسن الشهير بالصنوبري الذي عاش العصر العباسي الأول في لميس: ولا لمس الغرام حشاي إلا تلقى ما التسمت لدى لميسِ ونار الصب تذكو ثم تخبو ونارُ صبابتي نار المجوسِ ستبقيني لمن يبقى حديثا عروض حديث طسم أو جديسِ فتاة حبها للقلب سلم ولكن دونها حرب البسوسِ ترى شمسًا مقنعةً بليلٍ وخدًا في غلالة خندريسِ يا ذكريات السعد عودي...