القمر آية ممحوة، قال تعالى: (فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً) ومع ذلك فما ضربت الأمم المثل بجمال شيء كما ضربته بالقمر ليلة البدر، الأمم في ذلك سواء العرب وغيرهم قال عمرو بن معد يكرب وبدت لميس كأنها بدر السماء اذا تبدا. وفي الخبر الصحيح قيل للبراء بن عازب أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا.. بل مثل القمر. والقمر في اصله آية من آيات الله يعتريه الخسوف جزئياً كما وقع الليلة قبل الماضية او كلياً كما وقع مراراً في ازمنة خلت حتى يعلم انه مخلوق مسير، ما كان له كما لا يكون لغيره ان يخرج عن مشيئة الله وقدرته ففي خسوفه آيات عدة اعظمها ان يعلم العباد ان المخلوق يبقى مخلوقاً مهما علا، ولم يكن قبل شيئاً مذكوراً فسبحان من لا يبيد ملكه ولا يغيب علمه ولا يبقى الا وجهه. ومن تلكم الآيات ان يشعر الناس بقرب الرحيل فالدنيا اذاً اقصر ان يعتريها ما يؤذن بنقصها وأوشك ان يأتيها ما يذهب بها (فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ). معلوم ان القرآن والسنة، اخبرا ان فناء الدنيا له إمارات كبرى منها تبدل العالمين العلوي والسفلي فتبدل العلو يكون بتكوير الشمس وخسوف القمر وانقضاض النجوم وقبل ذلك تبدل الارض، فتُكلّمُ السباعُ الإنسَ وتخرج الدابة على الناس تكلمهم وهذا كله غير مألوف ولا من شأن الدنيا من قبل فطوبى اذاً لمن يتعظ بآيات الله الصغرى قبل الكبرى وأعد ليوم الحساب ايماناً بالله وعملاً صالحاً ومن تلكم الآيات انذار الناس وتخويفهم كما قال ربنا (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً) ولهذا لابد ان يفزع الناس هنا الى ما امرهم به رسولهم صلى الله عليه وسلم وفي مقدمة ذلك الصلاة. ولا ريب ان ما صدر من قرارات بشأن تنظيم بعض المناشط الرياضية حتى لا تتفق مع صلاة الخسوف يحسب بمزيد فضل للمسؤولين عن ذلك في الرئاسة العامة لرعاية الشباب كما ان مطالبة بعض المشايخ والعلماء لمثل هذه القرارات ومناشدة المسؤولين في ذلك مما يبين قرب هؤلاء العلماء والدعاة من حياة الناس وأخص منهم بالذكر الشيخ الجليل والداعية الموفق محمد بن عبدالرحمن العريفي. ان اقامة شعائر الدين الظاهرة من اعظم ما ينبغي للمسلمين ان يتحلوا به ولعل في هذا الحدث ما يجعلنا نعيد النظر في كثير من الاشياء حولنا اجتماعياً او رياضياً او اقتصادياً والدين هو الاصل المعتبر، والمسلم يضحي بنفسه وماله وولده ليسلم دينه لا يضحي بدينه ليبقى ما سواه فنسأل الله ان يجعل في هذه الخطوة خيرا وأن تتبعها خطوات مباركة اعلامياً واقتصادياً واجتماعياً ورياضياً.