قبل الرحيل.. لبَّى معتمرًا.. وبالبيت العتيق طاف.. وبين الصفا والمروة سعى.. قبل الرحيل.. أسبغ على الجسد الطاهر من زمزمٍ.. وودع أطهر بقاع الأرض مقصِّرًا.. وأكثر التسبيح بحمد ربه.. وغادر على أمل.. قبل الرحيل.. أشبع حواسه الخمس.. بآيات الذكر الحكيم.. وتشرب الاستغفار.. ثم طهَّر فاه بالصلاة على النبي.. قبل الرحيل.. بالسدر اغتسل.. وب"قل أعوذ برب الناس" حصّن روحه.. ثم ب"قل أعوذ برب الفلق" استعاذ من شر كل حاسدٍ إذا حسد.. قبل الرحيل.. كتب في "تويتر" مُغرِّدًا (ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود).. ثم خصّني: (اللهم ارزق أبي جنة عرضها السموات والأرض).. قبل الرحيل.. بساعات قلال.. تلا من القرآن ما تيسَّر.. وأكثر الاستغفار.. ثم رقى نفسه.. قبل الرحيل.. بوقتٍ وجيز.. تهيّأ للرحمن.. عطّر ذاك الجسد.. ومن الشوائب نقّاه.. ولسان حاله يقول: "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي". قبل الرحيل.. قبّل أمه.. وشمَّ تحت أقدامها ريح الجنان.. وحين جاء الرحيل.. في حضني فاضت روح زكية.. يفوح منها المسك.. وطيب الشذى.. عند الرحيل.. فارقنا متبسّماً.. وكان إلى جنة ربه طيرٌ محلق.. بالكاد تلحقه الخُطى.. عند الرحيل.. لم يحمل حقائبًا.. ولا زادًا سوى.. صادق الدعاء من محبيه.. ومن حضر.. بعد الرحيل.. لم يبقَ سوى طيفه.. وذكريات على أعتاب المنازل نستعيدها.. وفي الشوارع وكل ما حولنا.. بعد الرحيل.. رأيته يحمل مفتاحًا على باب جنة عدنٍ.. للصامدين حين البأس.. ومن صبر.. أخيرًا.. اسمحوا لي أن أخص بهذا المقال فلذة كبدي.. "محمد" يرحمه الله.. ورجائي أن يكون له من دعائكم نصيب.. والحمد لله على ما أعطى.. وما أخذ..