الفكر النير والحكمة والحوار الراقي يصدر عن العقلاء في كل زمان ومكان، من أجل وحدة الوطن وغلق أبواب الفتن والصراعات في زمن عصفت بالأمة العربية رياح التغيير والفوضى، نحن هنا في أرضنا المباركة نبحث عن هذه الحكمة وهي ضالتنا التي لن نضل عنها بإذن الله، فالهدوء والروية هما السبيل للتعاطي مع هذه المتغيرات. الصراعات الفكرية والتصادمات مع مَن يخالفنا في فكره، وثقافته، ومنهجه، ورفع الصوت عاليًا وتبادل التهم، والتخوين والإقصاء ليس من مصلحة الوطن، وإنّما هي أدوات الأعداء الذين يتربصون بنا. العقلاء فقط من يتّعظون بتجارب غيرهم من أجل السعادة والاستقرار واستتباب الأمن. فليس من الحكمة إطلاقًا استبدال واقع جميل يسوده الكثير من الهدوء والراحة والطمأنينة والسكينة إلى مستقبل مجهول. على ثرى هذه الأرض أناس يعشقون ترابها، وهم صمام الأمان؛ لأنهم يدركون وبوعي كامل ماذا يراد بهم، ومن ذا الذي يحاول أن يخترق هذا الحصن لابد أن يواجه بأسلوب الحكماء المتدبرين والقارئين للتاريخ، والمطّلعين على مجريات الأحداث في هذا العصر. لا نريد أن يكون بيننا مَن يثير فتنة خامدة، أو يتبادل رسائل تبعث على التفكك والكراهية، التنوع الثقافي والفكري هي سنة الله في خلقه لابد أن نؤمن بهذا التنوّع ونزرع هذا الفكر في أذهان أجيال اليوم. الأمر معني به كافة شرائح المجتمع، وليس فقط النخبة من المثقفين والمثقفات أو الإعلاميين والإعلاميات. هذا الخطاب الثقافي الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني على مدار يومين يقوم بأداء مهمته في نشر فكر يدعو للمحبة والحوار البناء، ويسهم بدوره في تعزيز قيم المواطنة الصالحة بعيدًا عن التصنيفات الفكرية الهدامة التي تقتل وتهدم وتفكك. وذلك من أجل تعزيز وحدة الوطن ووحدة أبنائه والتصدي لكل فكر يريد أن يزرع بذور الشك والعداء بين أبناء الوطن الواحد. سفينتنا تسير بفكر قائد حكيم -حفظه الله وأطال الله في عمره- وستستمر مسيرتها، وتصل دومًا إلى شواطئ الأمان، لأننا نؤمن بأن هناك مَن نذر حياته من أجل وحدة هذا الوطن. هذا الكيان العظيم قائم على كتاب الله وسنّة نبيّه، الذي علّمنا كيف نحب، وكيف نتعايش حتى مع مَن يخالفنا في ديننا وعقيدتنا، فما بالنا لا نُحكِّم عقولنا في أن نتقبل فكرًا مغايرًا، وكلنا -ولله الحمد- ندين لله بدين واحد، تظللنا شهادة التوحيد. لندع خلافاتنا الفكرية جانبًا، ولنبحث عن نقاط الالتقاء بيننا، لتكون مصدرًا لقوتنا في مواجهة فكر ضال، لا يريد لقلوبنا أن تتلاقى، ولا لأيدينا أن تتصافح. ونحن نقول لهؤلاء: إن قلوبنا عامرة بالحب والتسامح والصفاء والنقاء. نبض الحياة: إليكم معلمي الأجيال، بين أيديكم أمانة أبناؤنا وبناتنا؛ لنغرس في قلوبهم قيمًا إنسانية، تحمل معاني الحب والتسامح والتعايش. لا أريد أن يرجع لي ابني من مدرسته، وفي ذهنه أسئلة تعزز التعصب القبلي أو المذهبي أو الفكري. أريده أن ينشأ محبًّا لكل أفراد مجتمعه، لا يفرق بين أصحابه ويصنّفهم، من أجل أن نبني وطنًا كل أفراده على قلب رجل واحد. في دور التعليم نربّي ولا نعلم فقط، فلنربهم على المحبّة، والانتماء، والولاء للوطن. [email protected] [email protected]