النزاهة مواقف.. قبل أن تكون تصريحات، ومبادئ.. قبل أن تكون إعلانات، ومضمون قبل أن تكون مانشيتات، النزاهة لو تمثلت في رجل، لكان رجلاً نزيهاً، ولو كانت كِتَاباً، لكان كتاب علم وهداية، ولو كانت فصلاً من فصول السنة، لكانت بالتأكيد الربيع الأخضر، وليست الخريف الأصفر، ولا نُشكِّك في رجالها، فهم أكفاء ومخلصون إن شاء الله، ولكن نتكلم عن نزاهة الكيان، أو هيئة مكافحة الفساد، هل نظامها يسمح لها بالعمل؟ تقول صحيفة الوطن: إن مواطنًا رفع دعوى قضائية ضد الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة"، متهماً إيّاها بتجاهل متابعة فساد إداري في ثلاث جهات حكومية، كان قد تقدم بها ل "نزاهة" في وقت سابق، ولأن نزاهة لم تتحرّك ضد هذا الفساد، رفع دعوى قضائية ضدها؟ وغابت "نزاهة" عن حضور أول جلسة في القضية التي تنظرها المحكمة الإدارية بالرياض. ثلاث جهات وليست واحدة، ودعوى قضائية، ضد من؟ ليس ضد الجهات المتابعة، بل ضد من يتابعهم، ويرعاهم، ويمنعهم عن الفساد؟! والسؤال: هل يصح أن تكون "نزاهة"، طرفاً في النزاع ضد النزاهة بالسكوت عنه؟ والقضية طالما وصلت إلى القضاء، يعني هناك أدلة وإثباتات، لدى المواطن المدّعي، تستحق النظر، والأغرب أن نزاهة تغيب عن أولى الجلسات؟ مما يعني أن هناك مشكلة في "نزاهة" نفسها، ليست "نزاهة - الأشخاص"، بل "نزاهة - الكيان"، كيان لا يعرف من أين يبدأ ولا أين يجب أن يتوقف. في السنوات الأربع الأخيرة استبشر الناس، بصدور قرار تشكيل وإنشاء "نزاهة"، هيئة مكافحة الفساد، وعلقت عليها آمال أُمَّة في اجتثاث الفساد من جذوره، ومعاقبة المسؤول المتورط، بالمقولة الشهيرة، من أين لك هذا؟ إلا أن "نزاهة" لم تنجح في تقليص ولا تقليل الفساد حتى الآن!!، وذلك وفقاً للتقارير السنوية لديوان المراقبة، التي تدل على زيادة صرف المال العام بغير وجه حق، لذلك علينا مراجعة نظام "نزاهة" لمعرفة معوّقات عملها. بقية الحوار: يمكن أن نسامح "نزاهة"، على أن تكون واجهة، مثل معظم الجهات الرقابية، ولكن عندما تصل بها الأمور، أن ترفع ضدها قضية السكوت عن الفساد، فهذا يدل على كيان في حاجة إلى بيان.