بالرغم من أن الكاتب القدير فهد الأحمدي، كتب مقالة عن الحجر الأسود قبل عدة سنوات بحذر وعناية شديدة، كتابة تليق لما لهذا الحجر من قدسية وإجلال في نفوس المسملين، وكتابة تليق به كمسلم محافظ، وذكر ما ورد فيه من أحاديث، لكن ما رسخ في عقول الناس، هو مداخلته الأخيرة في برنامج إضاءات في العربية، حول التأكيد أن الحجر الأسود ما هو إلاّ نيزك، من فصيلة الألماس الأسود، ومع احترامنا للكاتب القدير فإن محلات الجواهرجية، تزخر بأنواع الألماس، الأكثر جمالاً منه، وبكل الألون، الأبيض، والزهري، والأسود، ولكن لا أحد يُقبّلها، ولا أحد يتعبّد بلمسها. رجعت للمقال الذي نشره الأحمدي، قبل سبع سنوات، وحتى لا نظلمه، فهو لم يطلق القول بأنه نيزك، مباشرة، بل أشار إلى أحاديث نبوية كثيرة تفيد بقدوم الحجر الأسود، الموجود في الكعبة، من الفضاء الخارجي، كقول عبدالله بن عمر: نزل الركن الأسود من السماء، فوضع على جبل أبي قبيس كأنه مهاة بيضاء، أي بلورة، فمكث أربعين سنة، ثم وضع على قواعد إبراهيم، وعن ابن عباس: نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضًا من اللبن، فسوّدته خطايا بني آدم، ويقول عليه الصلاة والسلام، الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله تعالى نورهما، ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب. شكرًا للكاتب المبدع، لكن القول بنزوله من السماء كما تنزل النيازك، لا ينفي ولا يثبت حقيقة كونه جاء من الجنة، فهذه أمور غيبية، ويحتاج أن نأخذ عينة منه للتحليل المعملي لمقارنته بالنيازك، لو شئنا، أو استطعنا، كما فعل بعض العلماء بماء زمزم، وأثبتوا ما فيه من عجائب لطف الله عز وجل، والسؤال ما الذي يفيدنا إن علمنا أن الحجر الأسود نيزك؟ هل سيكف الناس عن تقبيله، أم يتجهون لتقبيل غيره من النيازك في متاحف العالم؟ يكفينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبّله، وأمر الناس بتقبيله، لمن استطاع، وقول الفاروق: إني أعلم أنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله قبّلك ما قبّلتك.