سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فقهُ الموازنات في مكة المكرمة إن منهجَ الموازنةَ منهجٌ فكري عام يشمل التفكير الإنساني بصورةٍ عامة، يستفيد منه الفقهاء والمفتون والدعاة والمُفكّرون والسياسيون وأصحاب القرار
من مهام الجامعات ووظائفها الأصيلة والمهمة العناية بالبحث العلمي بمختلف الوسائل، سواء في جانب النشر أو جانب عقد الندوات والمؤتمرات، وليست العبرة بكثرة المؤتمرات والمناشط، بل العبرةُ والأهمية هو أن تكون القضايا المطروحة للبحث ذات أهمية من جانب حاجة الناس؛ من دعاة وطلبة علم وعامة إلى طرحها ومناقشتها، ولا ينبغي أن تتّجه هذه المؤتمرات ناحية الكسب الإعلامي على حساب الجدية والجودة والأثر! ويوم الغد -بإذن الله- تستضيفُ إحدى جامعاتنا العريقة التليدة (جامعة أم القرى) مؤتمراً علمياً في غاية الأهمية من جهة الموضوع والتوقيت، وبرعاية ملكية كريمة. فالموضوعُ هو: (فقهُ الموازنات ودورهُ في الحياةِ المعاصرة) خلال المدة من 27-29/10/1434ه في مكةَالمكرمة حرسها الله. وقد أحسنت كليةُ الشريعة -وهي الجهةُ العلميةُ المُنظِّمة- في اختيار هذا الموضوع العلمي المهم، ووفّق الله عميدها أخي د. غازي العتيبي لكل خير وأعانه وزملائه. وقد انتظمَ عقد المؤتمر في محاور مهمة؛ منها: فقه الموازنات من جهة تأصيله، وفقه الموازنات عند الصحابة وسائر الأئمة، وضوابط العمل بفقه الموازنات، وفقه الموازنات ودوره في تحقيق وحدة الأمة وتطبيق الشريعة، ودور فقه الموازنات في المناظرات والتمثيل في وسائل الإعلام.. وقد شرفتُ بالكتابة في المحور الأول، وسأشرف بالمشاركة في الجلسة الأولى بإذن الله تعالى. إن طرح هذا الموضوع من الأهمية بمكان لاسيما في هذا التوقيت الحرج الذي تمر بها الأمة جمعاء.. فالأمةُ اليوم -لاسيما طلبة العلم فيها- بحاجة إلى العلماء الباحثين الراسخين الجادين الذين يبيّنوا للأمة مقاصد الشرع وقواعده ومحكماته ووسائل وطرق الاختيار والترجيح بين الآراء والمواقف والاتجاهات! كثير -لاسيما في هذا الزمان- ما تلتبس الأمور وتتداخل القضايا وتتشابه المعطيات، فلا يدري الفقيه ماذا يُقرِّر، ولا الواعظ ماذا يقول، ولا صاحب الرأي والفكر أين يقف!! وأحياناً تتجه ظواهر الأدلة والنصوص لاتجاهٍ معين، إلا أن الواقعَ والحاجة قد تقتضي تقديم غير الظاهر عليه والمرجوح على الراجح! فيكون المرجوح في هذا التوقيت وبهذه المُعطيات راجحاً! وإن كان على خلاف الأصل! وإن كانت الشريعة مبناها على جلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها؛ فإن معرفة الأصلح والصالح والأفسد والفاسد، كل أولئك مما سبق ذكره يحتاج إلى فقه وأي فقه!؟ إنه فقهُ الموازنات الذي يرسمُ الميزانَ العلمي الدقيق للترجيح بين المصالح والمفاسد والمواقف والاختيارات، وهو معلمٌ عظيم من معالم الشريعة، وعلمٌ دقيق المأخذ، تجدُ أصلهُ في فتاوى النبي صلى الله عليه وسلم وأقضيته وصحابته من بعده، وقد اخترتُ لتعريفه أنه (العلم الذي يتمكن به الفقيه أو المُكلف من تحقيق المقصد الشرعي من الحكم). إن منهجَ الموازنةَ منهجٌ فكري عام يشمل التفكير الإنساني بصورةٍ عامة، يستفيد منه الفقهاء والمفتون والدعاة والمُفكرون والسياسيون وأصحاب القرار... إلخ. لقد ضمَّ هذا المؤتمر نخباً من العلماء والباحثين ومن مختلف العالم الإسلامي، ونخباُ من البحوث العلمية الجادة والمهمة، دعائي للمنظمين بالتوفيق وللمؤتمر أن يؤتي أُكلَه وأثره. [email protected]