الجامعات السعودية الأربع والعشرون، التي تعيش عصر الطفرة اليوم، والتي تبلغ ميزانيتها مجتمعة 15 مليار دولار، عندما يقارنون أنفسهم بجامعة هارفارد التي تعتبر أقدم وأعرق الجامعات الأمريكية، يندبون حظهم، لأن مجموع ميزانيتهم أقل من نصف ميزانيتها التي تبلغ وحدها 35 مليار دولار، ويقولون يجب تنمية مواردنا الذاتية لمجابهة احتياجات البحث العلمي والإنفاق على التطوير مثل هارفارد، بالأوقاف، والكراسي العلمية. المقارنة مجحفة من عدة جوانب، أولاً، لأن هارفارد الأكبر فيمن حصلوا على جوائز نوبل وغيرها من الجوائز والأوسمة العلمية الأشهر عالميًا، وتخرّج منها أشهر رؤساء للولايات المتحدةالأمريكية، جون آدامز، وفرانكلين روزفلت، وجون كندي، وباراك أوباما، كما درس فيها بيل غيتس، ومارك زوكربيرج، وثانياً، لأنها أكبر جامعة في العالم من حيث مبلغ الوقف، وثالثاً، احتلت المرتبة الأولى على قائمة أفضل 100 جامعة في العالم. ومع ذلك، الجامعات السعودية محقة، في القلق بشأن البحث العلمي، فنسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية متدنية جداً، إذ تقدر مخصصات البحث العلمي، وما أنفق على البحث العلمي في الدول العربية مجتمعة بمليار و700 مليون دولار وهو أقل مما تنفقه جامعة هارفارد الأمريكية وحدها، بل إن العالم المصري، أحمد زويل، قال في أحد لقاءاته إن ميزانية جامعته تفوق ميزانية جميع الجامعات العربية. في السنوات الأخيرة انفتحت الجامعات على الاستثمار، وأخذ هذا الانفتاح شكلين من أشكال الاستثمار العلمي، الأوقاف، والكراسي العلمية، إلاّ أنه فيما يخص الكراسي العلمية فإنه يمكن القول إن أكثر من 35 كرسياً علمياً أُسست في الجامعات السعودية لم تتمكن من تحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها، إما لضعف في الإشراف والمتابعة، وإما لخلل في اختيار العناصر الأكاديمية المناسبة. هذا البطء الذي منيت به تجربة الاستثمارت العلمية أضعف حظوظ الجامعات التوسعية في اللحاق بالجامعات الأمريكية المتقدمة، لأنه يعطي صوراً سلبية لدى رجال الأعمال، والقطاع الخاص عن مصداقية الجامعات السعودية، ومدى أهليتها لتنفيذ الأبحاث العلمية ذات الأبعاد الاقتصادية والتجارية، لذلك عند المقارنة مع هارفاد، لابد أن نتذكر أن الريادة تحتاج إلى رؤية معاصرة ونتائج.