اعتبر السفير الفرنسي في السعودية برتران بزانسنو، أن روسيا والصين يقفان عائقًا أمام حل الأزمة السورية. وقال برتران في حوار ل»المدينة» إن فرنسا لا تقبل بما يجري في سوريا، لأننا نرفض أعمال العنف التي يقوم بها النظام السوري ضد شعبه». ودعا السفير الفرنسي طهران إلى أن «تقوم بتلبية مطالب مجموعة 5 +1 والتصرف بطريقة أكثر مسؤولية وإلا فعليها تحمل ما سيحدث لها». وشدد الفرنسي على أن الطلاب السعوديين في باريس لا يعانون من أي مشكلات، مؤكدًا أنه يتوقع زيادة عدد الطلاب السعوديين في فرنسا من 1400 إلى 4 آلاف طالب. وقال بزانسنو أن الزيارة القصيرة التي قام بها الرئيس الفرنسي أولاند للمملكة كانت تهدف إلى إقامة علاقة شخصية مباشرة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وتوطيدها على أعلى المستويات. وفيما يلي نص الحوار... ** في البداية، كيف ترون العلاقات السعودية الفرنسية؟ * العلاقه بين المملكة وفرنسا علاقة جيدة وفي مستوى أكثر من رائع، حيث تعود جذورها إلى علاقات قديمة ووثيقة تربط فرنسا بالعالم العربي، والحقيقة هناك رغبة قوية من قبل قيادة البلدين في تكثيف العلاقة التي تجمعهما منذ الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز عام 1967 إلى الجنرال ديجول في باريس. ** بعد هذه السنوات الطويلة في العلاقات منذ زيارة الملك فيصل إلى اليوم، كيف تقيم هذه العلاقة؟ * منذ زيارة الملك فيصل لفرنسا، تطورت العلاقات الثنائية بشكل ملحوظ في جميع المجالات، التي تقوم أولًا على تطابق آراء سياسية حول الوضع الإقليمي والملفات الإقليمية الهامة، وتقوم أيضًا على بناء علاقات الثقة بين الرؤساء الفرنسيين الذين توالوا على السلطة، وهناك أيضًا علاقات متميزة في مجال الدفاع والأمن، وتطورت أخيرًا التبادلات التجارية بشكل آمن، وأيضًا التعاون في المجالات الثقافية ومجالات أخرى كثيرة. ** قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند خلال زيارته الأخيرة إلى المملكة، إنه سيقوم بزيارة للرياض في العام 2013، متى ستكون هذه الزيارة؟ * عندما قام الرئيس أولاند بزيارة إلى المملكة، وهي الزيارة الأولى له لدولة عربية، حيث كان خيار المملكة خيارًا طبيعيًا، وكانت الزيارة قصيرة، وكانت تهدف إلى إقامة علاقة شخصية مباشرة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله، ومن المهم إقامة هذه العلاقة وتوطيدها على أعلى المستويات، وزيادة توطيد العلاقات بين مسؤولي البلدين، وقد تم الاتفاق خلال هذه الزيارة على زيارة رسمية للرئيس أولاند قبل فصل الصيف من أجل بحث التعاون الثنائي في جميع المجالات، ولم يحدد تاريخ لهذه الزيارة، ولكنها ستكون في المستقبل القريب. ** ما هي أبرز الملفات التي سيناقشها قادة البلدين خلال الزيارة المقبلة ؟ * هدف الزيارة الرئيس هو إعطاء دفعة قوية جديدة للتعاون الثنائي بين البلدين في جميع المجالات، فمثلًا في القطاع الاقتصادي ضاعفنا التبادلات التجارية خلال ال5 أعوام الماضية، حتى بلغت اليوم 2.7 مليار يورو، كما وقعت الشركات الفرنسية على عدة عقود تجارية في المملكة في مجال المياه والكهرباء وعدة مجالات أخرى، وخاصة التي تتميز بها فرنسا على سبيل المثال لا الحصر الطاقة بجميع أشكالها نووية وشمسية، ووسائل النقل سواء كانت وسائل النقل الحديدية أو الجوية، وهناك نقطة مهمة حول المتبعثين السعوديين في فرنسا إذ كان عددهم أقل من 100 قبل بضع أعوام، والآن بلغ عددهم 1400 طالب سعودي، وهدفنا زيادة هذه الأعداد إلى 4 آلاف طالب سعودي. ** هل سيتم توقيع اتفاقيات في الزيارة بين البلدين؟ * بالطبع، هناك اتفاقيات سيتم توقيعها خلال الزيارة، ولكن لا أستطيع الإفصاح عنها الآن، حيث سيعلن عنها في موعد زياره الرئيس أولاند، ويمكنني أن أقول إن هذه العقود ستجمع بين عدة مجالات وتخصصات ثقافية وعلمية وتقنية وغيرها. ** هل هناك صعوبة في حصول بعض رجال الأعمال الفرنسيين على تأشيرات زيارة لتفعيل ورفع معدل الاستثمارات في السعودية؟ * حقيقة هي ليست مشكلة تأشيرات سعودية فرنسية، بل هي مشكلة عامة للتأشيرات في المملكة، ولقد قامت السلطات السعودية مشكورة ببعض التحسينات بناء على طلب غرف التجارة والصناعة السعودية من أجل تسهيل إصدار التأشيرات لرجال الأعمال الفرنسيين، كما يحصل ذلك في الدول المجاورة، فهناك بعض التحسينات التي يتعين إجراؤها من أجل إصدار التأشيرات بشكل أسرع، وهناك أيضًا مشكلات إصدار التأشيرات لسيدات الأعمال الفرنسيات، وهي لا تزال تعاني من البطء وهناك صعوبة فيها، ولذلك يجب أن تجرى تحسينات هامة كي تصبح المملكة واجهة يقصدها الفرنسيون رجالا ونساء من أجل تحسين التعاون والاستثمار بين البلدين. ** في المقابل، هل يواجه رجال الأعمال السعوديين إشكاليات في الحصول على التأشيرات لزيارة فرنسا؟ * مبدئيًا .. لا يواجهون أي صعوبة. ** تأجلت زيارة السيد فرانسوا زيميراي سفير حقوق الإنسان في وزارة الخارجية الفرنسية للمملكة لأسباب قيل إنها إدارية، ما هي حقيقة هذا الأمر، وهل سيزور السعودية أم لا؟ * كان يفترض زيارة زيميراي للمملكة في ذلك التاريخ، وقد قمنا بإعداد الزيارة بشكل جيد ولكن عندما أنهينا البرنامج بشكل شامل ظهرت لنا مشكلة بيروقراطية منعت حصول السفير على تأشيرة دخول المملكة في آخر لحظة، ولذلك تم تأجيل هذه الزيارة، ووعدتنا السلطات السعودية بأنها ستصدر هذه التأشيرة، وهذا المثال يعكس ما قلناه قبل قليل عن إمكانية تحسين إصدار التأشيرات لرجال الأعمال والشخصيات الهامة والفنانين. ** تحدثت عن أن الجانب الثقافي والتعليمي يتفاعل الآن بشكل جيد بين السعودية وفرنسا، لكن الكثير من الطلاب يشتكون من قضية عدم الحصول على التأشيرة المشروطة للحصول على الإقامة الرسمية من السلطات الفرنسية؟ * لم يصل للسفارة أي انتقاد أو طلب يخص هذا الأمر، ونحن راضون تمامًا عن هذا النظام، وهذه المرة الأولى التي نسمع بها هذا الانتقاد. ** بعض المبتعثات السعوديات يعانين من قضية الحجاب في فرنسا، أين أنتم من حرية الأديان وممارسة الحرية الشخصية في هذا الجانب؟ * شخصيًا لم أتلقَ أي انتقاد حول الموضوع أبدًا، بل على العكس إن عدد السياح السعوديين في فرنسا يزداد بشكل كبير، ولتكونوا على علم إن فرنسا هي الوجهة السياحية للسعوديين بعد ماليزيا، وأؤكد لك مرة أخرى لم أتلق أي انتقاد مثل هذا النوع في أي يوم مضى، بل لم أستقبل أي طلب أو شكوى حول هذا الموضوع تحديدًا، وهناك على سبيل المثال لجنة لاختيار الطلاب السعوديين في فرنسا، حيث أن هناك 50 مقعدًا للطلاب السعوديين في المجال الطبي، ونتلقى 400 طلب نصفهم من الطالبات السعوديات المبتعثات في فرنسا، ولم نسمع يوما منهن أي انتقاد أو طلب أو أي مشكلة حول ما ذكرت. ** تزعمت فرنسا دعم المعارضة السورية ممثلة في الجيش الحر، ثم توقف الدعم، لماذا؟ * فرنسا اتخذت قرار رفع الحظر عن الأسلحة الموجهة للمعارضة السورية على غرار بريطانيا، فنحن ملتزمون بهذا الحظر الذي تم اعتماده حتى نهاية شهر مايو، كما أن هناك موقفًا في الاتحاد الأوروبي متحد من أجل رفع هذا الحظر على الأسلحة، (يذكر أن الاتحاد الأوروبي قرر رفع الحظر عن الأسلحة المتجهة إلى المعارضة السورية يوم الاثنين الماضي بعد اجراء هذه المقابلة)، ستتحمل فرنسا مسؤوليتها نظرًا إلى تسليم دول أخرى الأسلحة إلى النظام السوري. ونحن على استعداد لمساعدة المعارضة السورية، ولا ننسى أن فرنسا كانت الدولة الأولى التي ساعدت المعارضة السورية، وهي أيضًا الدولة الأولى التي نظمت مجموعة أصدقاء الشعب السوري، وهي الأولى أيضًا في اعترافها بالجيش الحر، وفي حال وصل اتفاق الاتحاد الأوروبي لموقف واضح فمسؤوليتها وموقفها واضحان للغاية. ** هناك معلومات بأن إيرانوروسيا يمدون نظام الأسد بالسلاح وعناصر حزب الله تشارك في القتال، هل سيترك الشعب السوري يقتل من قبل هؤلاء؟ * فرنسا أخذت هذه المبادرات للشعب السوري لأنها ترفض أعمال العنف التي يقوم بها النظام السوري ضد شعبه. ** تدخلت فرنسا عسكريًا في مالي بحجة القضاء على الإرهاب، ألا ترون ما يحدث في سوريا من الأسد وزمرته هو إرهاب؟ * لا يجوز المقارنة بين الوضعين؛ الوضع في مالي هناك قرار تم اعتماده وأعطى شرعية وتصريح بالتدخل ضد الإرهابيين في مالي، أما الوضع السوري فلم يتوصل مجلس الأمن بشأن سوريا إلى اتفاق بسبب روسيا والصين، وبذلك أخذت فرنسا بعض الإجراءات الهامة على هذا الصعيد، فهناك شرعية واحدة تصدر من الأممالمتحدة بطبيعة الحال العائق أمام هذه الخطوة هو الموقف الصيني والروسي الذي يعرقل الوضع في سوريا. ** هل تتوقع انفراج الأزمة السورية قريبًا، ولماذا لا تحصل المعارضة على الأسلحة المطلوبة؟ * نتمنى أن تنفرج الأزمة السورية في أقرب وقت، والمعارضة تحصل على الأسلحة المطلوبة، ولكن هناك دولًا تطلب بالطبع أن يتم ضمان أن هذه الأسلحة ستسلم للمعارضة بدلًًا من أن تذهب إلى المتطرفين الموجودين ميدانيًا. ** في الشأن الإيراني، هل ما زالت فرنسا تعتقد بأن الدبلوماسية ستحل القضية النووية الإيرانية؟ * بطبيعة الحال إيران انتهكت الالتزامات التي اتخذتها ضمن معاهدة حظر انتشار الأسلحة، ولا تلبي ولا تجيب على طلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقد تقدمت الدول ال 6 ببعض المقترحات الواضحة من أجل التوصل لحل مرضي، لكن لم تحصل على أي جواب من قبل إيران، لذلك قررت جميع الدول اتخاذ بعض العقوبات ضمن مجلس الأمن، وعلى الصعيد الأوروبي والصعيد الأمريكي وتزيد بالتالي الضغط على النظام في طهران لاتخاذ قرارات مرضية، وأيضًا كما تلاحظون تواصل الضغوط ، ولكن يتعين على النظام الإيراني أن يتحمل مسؤوليته في مرحلة ما. ** ما بديل الحل الدبلوماسي إذا ما تعنتت طهران ورفضت التنازل ووقف برنامجها النووي؟ * فرنسا تشجع أكثر وأكثر حكومة إيران على تلبية مطالب مجموعة (الخمسة + واحد)، وتدعو إيران للتصرف بطريقه أكثر مسؤولية وإلا على طهران تحمل ما سيحصل. ** كلمة أخيرة تريد أن تضيفها سعادة السفير؟ * سعيد بتطور العلاقات بين البلدين وباعتقادي الزيارة القريبة التي سيقوم بها الرئيس الفرنسي للمملكة ستكون مناسبة جًدا لإبراز تعزيز الشراكة الاستراتيجية في المجالات كافة، ولإبراز هذه القفزة النوعية في العلاقات بين البلدين.