هل تذكرين أطول مدة مرت عليك دونما كدَرٌ عكَّر عليك صفو حياتك؟ ربما سمعت قول الشاعر واصفا الحياة بقوله: جُبِلت على كدرٍ وأنت تريدها صفوًا من الأقذاء والأكدارِ ومُكلفُ الأيامِ ضد طباعها مُتطلبٌ في الماءِ جذوةَ نارِ من الطبيعي ألا يتمنى أحد وقوع المصائب عليه، ولكن المصائب قدر الله على بني آدم في هذه الحياة الدنيا، وليس هناك مفر منها. ولكن من رحمة الله تعالى أنه لم يجعلها شرا خالصا، بل جعل في ثناياها رحمات كبيرة وعظيمة. ولعل الرحمة تتمثل في أن الله تعالى جعل فيها أجرا عظيما لمن يحتملها ويصبر عليها، محتسبا الأجر من الله تعالى في ذلك. حيث يقول تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). يروى عن القاضي شريح أنه قال: إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله تعالى عليها أربع مرات: إذا لم تكن أعظم مما هي، وإذا رزقني الصبر عليها، وإذا وفقني للاسترجاع لما أرجوه فيه من الثواب، وإذا لم يجعلها في ديني. عندما تستحضرين هذه الأمور الأربعة، تكون للمصيبة فرحتها، ولو كان الحزن في بداياتها طاغيا. فما عند الله تعالى خير وأبقى. نحن نعلم أن كل إنسان عزيز سيغادر هذه الدنيا، إن عاجلا أو آجلا، ولكن العبرة بكيفية مغادرتها. هل غادروها على حال حسنة، أم على حال سيئة؟ هناك من تفقد عزيزا عليها وهو صائم مصل شاكر حامد، وأخرى تفقده مضيعا للصلوات مخمورا أو مدمنا للمخدرات. ومع أن الثانية لا تلام على تلك المعاصي، إلا أنها ستشعر بألم مضاعف! ألم الفقد، وحال الفقد. أما الأولى فسوف تشاركها ألم الفقد، ولكن حال الفقد لابد أن يسعدها، ويكون باعثا للتفاؤل والرضا بما قدره الله تعالى. فإن أُصبتِ بمصيبةٍ فاصبري وتجلدي كي لا تخسري صلوات من ربك ورحمة! *عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected]