حصول شرقنا البائس على حصة الأسد من الخرافة والأساطير، لا يعني خلو العقل الغربي منها.. كما أن تقدمهم التكنولوجي لا يعني صفاء نفوسهم من معتقداتٍ غريبةٍ وشاذة!!.. فللغربيين خرافاتهم التي لا تقل عما هو موجود شرقًًا، بل ربما أشد.. ففي الولاياتالمتحدة حيث تنتشر الخرافة بين الناس انتشار الزكام.. وضعت إحدى الصحف قبل سنوات، على صفحتها الأولى دائرة زرقاء ادعت أنها مشحونةٌ بقوةٍ روحية، وطالبت قراءها بوضع أصابعهم على الدائرة لتساعدهم في الشفاء من الأمراض، أو الحصول على الوظيفة أو المال!!.. ولك أن تتخيل ماذا كان سيحدث لو أن إحدى صحفنا العربية هي من قامت بهذا العمل المتخلف!. المثير أن أمر الخرافة هناك لا يقف عند حدود بسطاء الناس، بل يتعداه إلى كبار الشخصيات السياسية.. فالرئيس (بوش الابن) كان يزعم امتلاكه لقوة روحية تساعده على تسيير شؤون هذا العالم المضطرب!.. والعجيب أن نائبه (تشيني) ووزير دفاعه (رامسفيلد) كانا يشاركانه نفس الزعم!.. حتى (هيلاري كلينتون) لجأت- بحسب الصحف الأمريكية- في العام 2008 إلى استشارة مشعوذين أثناء حملتها الانتخابية التي خسرتها أمام (أوباما)!.. ولعل كثيرًا من القراء يتذكرون في هذا السياق كتاب (عَرّافة في البيت الأبيض) الذي كشف مؤلفه أن زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق (رونالد ريجان) كانت تستشير عَرّافةً شهيرة قبل أن يخطو زوجها أي خطوة، وقبل أن يتخذ أي قرار سياسي كبير.. لهذا لم يكن غريبًا في مجتمعٍ مشبعٍ بالخرافة كهذا أن يحظى الدجّال الإسرائيلي (يوري جلر) - الذي يدعي ثني الملاعق المعدنية بقوة عقله - بشعبية كبيرة وحضورٍ طاغٍ، حتى على مستوى المؤسسة العسكرية الأمريكية، التي استعانت بقدراته الخارقة - حسب زعمه- في البحث عن مطلوبين كُثُر.. لعل أشهرهم (صدام حسين).. الذي ادعى (جلر) أن القوات الأمريكية لم تكن لتنجح في العثور عليه إلا بفضل نصائحه وإرشاداته! في موسكو وباريس لا يختلف الأمر كثيرًا، فقد كان (يلتسين) يؤمن بالأرواح والأشباح إيمانه بالفودكا والكحول، حيث كان على علاقة قوية بالساحر (يوري لنجو)، ومشعوذة أخرى كانت تزعم أنها تشفي باللمس.. فيما كان الرئيس الفرنسي الراحل (فرانسوا ميتران) على اتصال وثيق بالمنجّمة الفرنسية (إليزابيث تيسيه) التي قالت بعد وفاته أنها كانت بمثابة المستشار الأول لميتران بعد أن تنبأت بإصابته بسرطان المثانة.. وأنه استشارها قبل أن يرسل قواته للمشاركة في حرب الخليج!!.. وبالمناسبة فلا يزال الفرنسيون يتداولون حكايات حيوان وهمي يسمونه (لوكارو).. ويقولون بأن له رأس ذئب وجسم إنسان، ويحتمون منه بالطلاسم والتعويذات!. المدهش في الأمر أن بعض العلماء الغربيين الذين من المفترض أن يكونوا أبعد من غيرهم عن مثل هذه الخزعبلات سقطوا في براثنها أيضًا.. فقد كان العالم الفرنسي الشهير (باسكال) يرتق ثيابه بقطعة من جلد الحيوان ظنًا منه أنها تنجيه من الفشل.. أما الفيزيائي البريطاني (بويل) فقد كان يحمل جمجمة بشرية أينما حل، لاعتقاده أنها تحميه من نزيف الأنف الذي كان يعاني منه!!. الخرافة الغربية قصةٌ يطول لها الحديث ويتشعب.. لكني أعتقد أن هذا يكفي اليوم. [email protected]