على الرغم من الجدل الدائر منذ سنوات بشأن تغيير الاجازة الاسبوعية لتكون الجمعة والسبت بدلا من الخميس والجمعة الا ان هذا الامر لم يحسم بعد، وفيما يرى عدد من الخبراء الاقتصاديين اهمية تغيير موعد الإجازة الرسمية لاعتبارات اقتصادية حتى تكون الاسواق السعودية اكثر ارتباطا بالعالم بدلا من الوضع الراهن حاليا يشير اخرون الى ان الوضع الراهن هو الافضل لاعتبارات دينية واجتماعية تم الاعتياد عليها لسنوات طويلة. في البداية يقول أبو أيمن انه ضد التغيير، لأن يوم السبت مرتبط بإجازة اليهود ومن الافضل الاختلاف عنهم، أما عبدالكريم سوبيه فقال انه لا يؤيد تغيير الإجازة، لأن الناس تعودت على الوضع الحالي ومن الصعب تقبلهم نفسيا لموعد آخر. وقال نبيل بامرشد: الناس تحب يوم الخميس، والمستفيد من تغيير موعد الإجازة هم البورصة والبنوك أما بقية الناس فسيخسروا ما تعودوا عليه، وقال عبدالمحسن القرني انه يفضل بقاء موعد الإجازة كما هو، لكن إن كانت هناك مصلحة عامة فلا مانع. وشاركنا أحمد محمد طالب في المرحلة المتوسطة وقال انه لا يتخيل أن يذهب إلى الدوام يوم الخميس، لانه يعتبره أجمل أيام الأسبوع. محمد عبدالرزاق مقيم مصرى قال ان الناس تعودت في المملكة على أن تكون الإجازة يومي الخميس والجمعة، لكن تبقى المصلحة العامة هي الأهم، فالإجازة ستظل إجازة في أي يوم. موانع شرعية من جهته قال الأستاذ المحاضر في كلية التربية قسم الدراسات الإسلامية جامعة الملك عبدالعزيز عبدالله صنعان انه لا يوجد مانع شرعي من تغيير الإجازة إلى يومي الجمعة والسبت، مشيرا إلى أن ما يتحرج منه بعض الناس بأخذ إجازة يوم السبت بداعي التشبه باليهود هو حساسية مبالغ فيها، وأضاف أن الأمر المحظور فقط هو تحديد يوم الإجازة بالسبت فقط لأن الأولى هو تحديد الإجازة بيوم الجمعة وعدم التشبه باليهود في إجازتهم الأسبوعية. وأوضح صنعان أنه لا يوجد مانع شرعى من العمل يوم الجمعة فالآية القرآنية تقول:»يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، لكن العادة درجت على أن يكون يوم الجمعة إجازة، لأن المسلم يأخذ وقتا في الاستعداد لصلاة الجمعة والتهيؤ لها، وفرض عمل عليه في يوم الجمعة سيحمله مشقة. وأضاف صنعان أنه يفضل تغيير موعد الإجازة إلى يومي الجمعة والسبت لسببين، الأول هو أن الناس حاليا تسهر إلى وقت متأخر من الليل يوم الخميس، مما يجعل البعض يتأخر عن الحضور مبكرا إلى صلاة الجمعة ويفقد الأجر الأكبر، وتغيير الإجازة سيجعل يوم الخميس دواما وبالتالي لن يستطيع أحد السهر إلى وقت متأخر بطريقة مبالغ فيها، والسبب الثاني هو تغيير الارتباط غير الإيجابي ليوم الجمعة في أذهان طلاب المدارس كونه اليوم السابق على يوم العودة إلى الدراسة، وشحنه بالارتباطات الإيجابية التي يحظى فيها حاليا يوم الخميس. مطلب اقتصادي وقال رئيس لجنة الأوراق المالية في الغرفة التجارية بجدة محمد النفيعي ان تغيير موعد الإجازة إلى يومي الجمعة والسبت مطلب اقتصادي مهم لربط أركان الاقتصاد المحلي بالعالمي بشكل جيد، موضحا أن أسواق المال المحلية الآن تتأثر بالتغيرات على الساحة الاقتصادية والسياسية والإقليمية والعالمية، نظرا لتداخل المصالح بشكل كبير. وأضاف أنه مع تشابك العلاقات المصرفية فإن تهميش الصلات بين السوق المحلي والأسواق العالمية وتقليص قدرة المصارف المحلية على القيام بالعمليات التجارية مع البنوك العالمية، نتبجة اختلاف أوقات وأيام الدوام يمثل عبئا على قطاعات مهمة في الاقتصاد المحلي. وأوضح النفيعي أن المتابع لحركة سوق المال السعودي يجد أنه الوحيد في المنطقة وربما العالم الذي يتعامل منفردا ويعمل يوم السبت، مما يشكل عبئا عليه في تحمل انعكاسات الأسواق العالمية، بعد إغلاقها يوم الجمعة، ولا يعطي فرصة للرؤية الاستثمارية الجيدة للمستثمرين وتقييم الانعكاسات الاقتصادية بشكل سليم، وأضاف النفيعي أن تغيير موعد الإجازة الأسبوعية إلى يومي الجمعة والسبت سيقلص فرق الأيام المعطلة بسبب الاختلاف عن مواعيد الإجازة العالمية، وسيترك أثرا إيجابيا على قطاع المصارف والسوق المالية بالمملكة من خلال تقليل خسائر سوق المال المادية، وقدرة المصارف المحلية على إنجاز عدد أكبر من المعاملات المصرفية المرتبطة بالأسواق العالمية. وقال رجل الأعمال إبراهيم السبيعي ان الإجازة الأسبوعية بوضعها الحالي يومي الخميس والجمعة تؤدي إلى فقدان أربعة أيام دوام عمل عالمية لأن الإجازة العالمية يومي السبت والأحد، متفقا مع الاراء السابقة بان لذلك الامر اثره السلبي على الاقتصاد والبورصة السعودية المرتبطين بالتجارة العالمية. وأشار السبيعي الى أنه ليس هناك ما يمنع من تغيير الإجازة وكسب يوم عمل عالمي إضافي من خلال التوافق مع العالم الخارجي، واستشهد على عدم أهمية تحديد يوم معين للإجازة بما كان معمولا به في السابق من العمل لمدة ستة أيام في الأسبوع والحصول علي إجازة الجمعة فقط قبل أن يضاف يوم الخميس إليه، وبرر السبيعي التأخر في تطبيق تغيير أيام الإجازة رغم مناقشات مجلس الشورى له منذ مدة إلى سياسة المسؤولين في عدم التسرع قبل التأكد من فائدة وجدوى التغيير، وأن نجاح التجارب في الدول الخليجية الأخرى سيؤدي إلى تسريع تطبيقها في المملكة، وتوقع آثارا إيجابية كبيرة لذلك التغيير. الاعتبارات الدينية والاجتماعية من جانبه قال الخبير الاقتصادي دكتور أسامة فيلالي: رغم الجدوى الاقتصادية والعملية لتغيير يومي الإجازة إلا أن الاعتبارات الدينية والاجتماعية قد تكون خلف تأخر قرار تغيير موعد الإجازة، وأضاف أن اليوم الأساسي الذي يجب أن يكون إجازة هو الجمعة يوم عيد المسلمين ويجب عدم الحرج في اختيار أي يوم إضافي تبعا للمصلحة العامة، بل حتى يوم الجمعة ليس هناك ما يمنع أن يكون يوم عمل أما تعطيل الأعمال المرتبطة بالتجارة والاقتصاد العالمي لأربعة أيام فهو أمر غير منطقي. وقال دكتور طارق كوشك ان المملكة ليست بمعزل عن بقية دول العالم، وأن عدم تغيير الإجازة له آثار سلبية عديدة، ليس في الجانب الاقتصادي فقط، بل في نواح متعددة. وأضاف أن الطلاب المبتعثين أحد الفئات التي تعانى بسبب مواعيد الإجازة الحالية، موضحا ان الجامعات الغربية والسفارات السعودية في الدول الأجنبية تغلق أبوابها يومي السبت والأحد بينما وزارة التعليم العالي والجامعات السعودية يحصلون على إجازة يومي الخميس والجمعة وبالتالي لا يبقى للمبتعثين إلا ثلاثة أيام لإنهاء معاملاتهم. كما أن الضرر الذي يلحق بالبنوك والبورصة السعودية المرتبطة في أعمالها بالتجارة العالمية لا يقتصر على تقلص أيام دوامها فعليا إلى ثلاثة أيام، بل يتعدى ذلك إلى انخفاض مؤشر الأسهم في البورصة أسبوعيا يومي الخميس والجمعة لتفضيل المستثمرين سحب أموالهم وتشغيلها في البورصات العالمية خلال هذين اليومين، بالإضافة إلى تعطل تحويلات الأموال دوليا. الشورى ليس متحمسا كما قال عضو مجلس الشورى السابق دكتور مجدي حريري ان المجلس لا يبدو متحمسا لتغيير مواعيد الإجازة الأسبوعية بعد المناقشات المختلفة فيه بشأن هذا الموضوع. وقال: الجمعة هو يوم عيد المسلمين والعمل فيه غير مرغوب من جانبهم، موضحا أن مواعيد الإجازة الحالية في المملكة هي الأفضل، وأن تغيير الدول العربية الأخرى لمواعيد الإجازة قرار خاص نابع من مصلحتهم، وأن ما يسوقه رجال الأعمال والبنوك لتغيير موعد الإجازة من مبررات بكسب يوم عمل إضافي مسايرة للبورصات والتجارة العالمية غير مقنع، لأن الفروق في التوقيت بين بلاد العالم موجودة في كل الأحوال، وتابع: «هل نغير مواعيد دوامنا من الصباح إلى المساء وينتهي الدوام منتصف الليل كي نسير في الوقت مع البورصات الأمريكية كمثال؟». وقال ان تغيير موعد الإجازة الأسبوعية في المملكة من أجل شريحة معينة وهم العاملون في البورصات والبنوك غير مقبول، واقترح تغيير دوام الشرائح التي ستسفيد من التغيير وفق آليات يضعونها. اما الكاتبة الاقتصادية في جريدة الشرق ريم أسعد قالت ان هناك عدة فوائد من تغيير الإجازة، أولها تقليل الهوة الأسبوعية بين أسواق المال المحلية والدولية، وتعزيز التواصل بين مختلف الجهات الرسمية بحيث تكون هناك جودة في نوعية التواصل وتقليل وقت التأخير. ومن جانبه قال عضو هيئة التدريس في كلية الاقتصاد جامعة الملك عبدالعزيز دكتور فاروق الخطيب ان الأضرار المادية من تغيير الإجازة ليست كبيرة، لكن الضرر يظهر أكثر على العمل والإنتاجية، وأضاف أن الميزة من تغيير موعد الإجازة إلى يومي الجمعة والسبت هو تقليل عدد الأيام التي يتعطل فيها العمل بسبب اختلاف موعد الإجازة الحالي عن باقي دول العالم، واكتساب يوم إضافي لإجراءات الحوالات المالية وانتقال الأموال والمعاهدات والانتدابات. وأشار إلى أن الضرر المعنوي من تغيير موعد الإجازة الأسبوعية قد يكون الأهم بالنسبة لشرائح المجتمع غير المستفيدة مباشرة من تغيير الموعد، بسبب تعودها علي يومي الخميس والجمعة، وأن التغيير قد يلقى مقاومة من بعض الناس.