يحضر المدير كل صباح ويبدأ أولا بالسلام على جميع موظفيه الذين يعملون عنده والابتسامة تزين وجهه . ويشيع هذا المدير جواً من الالفة والصداقة في دائرته فجميع موظفيه يأتون الى أعمالهم متحمسين مبتسمين يتوقون الى رؤية رئيسهم وارضائه بكل مايستطيعون من جهد وعمل. ويطلق هذا المسئول الحريات لموظفيه بابداء آرائهم في كل الاعمال ويحرص على استشارتهم في معظم القرارات التي تخص الادارة كما أنه يتقبل برحابة صدر أية خلافات في الرأي في أمور العمل , ولهذا المدير طريقة غريبة في توزيع مهمات العمل لموظفيه فهو يرى أن الموظف يأتي للمهمة وليس العكس فقد قام بتعليق لوحة في دائرته وسماها لوحة توزيع الاعمال ويضع عليها مهمات العمل المطلوبة من دائرته ثم يترك الحرية لموظفيه ليختار كل واحد منهم المهمة التي تناسبه فيتسابق الموظفون للظفر بالمهمات . وفي مجال التحفيز يسلك هذا المدير أساليب جديدة في تحفيز موظفيه وصقل ابداعاتهم فقد خصص مستشارا اجتماعيا لموظفيه لحل مشاكلهم الاجتماعية فكانت النتيجة زيادة كبيرة في انتاجيتهم ومزيدا من الافكار والابتكارات من الموظفين مما اسهم في زيادة ارباح الشركة . واذا تسبب العمل في تأخير الموظفين عن العودة الى بيوتهم لعدة ساعات فان هذا المدير استحدث خدمة مساعده الموظفين للقيام بمشترياتهم فقد اتفق مع بعض المطاعم لاعداد وجبات ساخنة للموظفين لاخذها لمنازلهم عند عودتهم متأخرين بسبب العمل. واما تقييمه لموظفيه فلهذا المدير اسلوب ابتكاري في التقييم فهو في كل سنة يعطي احد موظفيه الحرية في تقييم نفسه ويعتمد تقييمه هذا ويرفعه للادارة لاعتماده بل انه يبعد اكثر من ذلك اذ انه يصر على ان يقيمه موظفوه ويبدوا رأيهم في مستوى ادائه وكيف يمكن ان يحسن من أسلوبه وادارته ليرفع مستوى انتاجيتهم. كل ماسبق هو تصور وتخيل لصفات وسلوكيات المدير الإبتكاري والذي يجعل الإبتكار والتجديد في صلب شخصيته وأعماله ولا تستغربوا من بعض ما ذكر آنفا وتظنوها أحلاما لا واقع لها فقد بدأت كثير من الشركات مؤخرا في تطبيق أساليب ابتكارية في الادارة فمثلا وفرت شركة ماريوت انترناشونال خدمة حل المشاكل الاجتماعية بين الاسر الذين يعملون لديها فاستفاد من هذه الخدمه 17 الف موظف وأوضحت استطلاعات أولية ان الشركة حصلت على معدل 418% من العائد على استثماراتها كما أن اداء العمل تميز بالجودة وتحسنت العلاقات مع العمال . كما بدأت تظهر كتب ومؤلفات اداريه تهتم بهذا الجانب الابتكاري في المجال الاداري وقد ذكر جون بوتزاير في كتابه (101innovative ways to make your company a great place to work) عددا من الافكار الابتكارية لتحسين مناخ الانتاج في العمل ورفع مستوى اداء العاملين ومن هذه الافكار ايجاد أماكن الراحة داخل مكان العمل يتوفر فيها أسرة للراحة ويمكن للموظف تصفح بعض المجلات أو حتى مجرد الجلوس مع الزملاء في جو أسري وبدأت فعلا الكثير من الشركات في تطبيق هذه الفكرة ومن هذه الافكار ايضا إطلاق اسماء افضل العاملين على غرف الاجتماعات في الشركة كما يذكر المؤلف أنه بهذه الافكار غير المسبوقة يمكن للشركة أن تحافظ على موظفيها وتحبب لهم المكان الذين يعملون فيه ويزداد شعورهم بالولاء له والانتماء اليه أما الاساليب التقليديه فقد عفا عليها الزمن وأصبح الموظف لايقبلها ولا تؤثر فيه (انتهى كلامه) وفي كتابه The people Principle ذكر رون ولينجهام انه « بعد رحلات مضنية عبر نظريات وممارسات إدارية متباينة مثل الإدارة بالأهداف وإدارة الجودة الشاملة والإنتاج اللحظي والتحسين المستمر لم يجد المديرون ورجال الأعمال بدا من العودة إلى المبدأ الأول وهو البشر أنفسهم فأنت تستطيع أن تستأجر سواعد الأفراد وعقولهم لتصميم وتنفيذ العمليات لكنك لاتستطيع امتلاك قلوبهم» ويضيف المؤلف قوله « من هنا يعود التحول من هندسة العمليات إلى قيادة السلوكيات أو هندسة العلاقات « انتهى . اذن مما سبق ذكره يتضح أن عصرالمدير الابتكاري ليس بعيدا ولم يعد حلما بل أصبح حقيقة واقعة فهل يمكن أن نرى الكثير من هذه النماذج في شركاتنا وبين اداراتنا وفي اعمالنا. م.محمد أحمد بالعمش- جدة