الزواج سنة الحياة، و فطرة في نفوس البشر، به يحفظ الله النوع البشري، و يعفّ الناس . حلمٌ يدغدغ مشاعر كل شابة، تنتظر اليوم الذي تزف فيه إلى بيت جديد و تبني أسرة صغيرة. تحوّل هذا الحلم الوردي عند بعض الفتيات إلى الهدف الكبير، و الغاية العظمى ، و الأمنية الأغلى . فاستحوذ على تفكيرها، و اتعبها انتظاره، و آذتها لهفتها إليه. متشربة في ذلك فكرة مجتمعها الذي يضخم أمر الزواج، و يجعله المحطة التي ستقف عندها حياة الفتاة لتصب جام اهتمامها و شعورها و وقتها للشخص الذي تزوجته. فهي تدرس حتى تتزوج، و تعمل حتى تتزوج، و تمارس هواياتها حتى تتزوج ، فإذا تزوجت انقطعت عن اشكال الحياة و مظاهر الاستقلالية. و كأن صلاح الزوجة و قيامها بحقوق زوجها يتعارض مع التفاتها لنفسها و استثمارها لمواهبها و الاستمتاع بحياتها. هذه النظرة المتورمة للزواج سببت الالم بل المرض النفسي للفتيات اللواتي تأخرن في الزواج، أو تعثرت سعادتهن الزوجية. ناهيك عن الانهيارات العاطفية التي تحدث بعد الانفصال او زواج الزوج بأخرى. لا أدعو إلى تحقير الزواج و تهوين حق الزوج، فحق الزوج عظيم و الزوجة الصالحة تتعبد لله بحسن خلقها مع زوجها و رعايتها له ، لكني أدعو إلى عدم اختصار كل ادوار الحياة في دور واحد (الزوجة) فقط و تسليط اهتمام مبالغ فيه إلى الزوج إلى درجة تصيبه هو بالملل و التضييق. بفضل هذا الإهمال لنفسها و التجاهل لذاتها تتحول الزوجة بعد سنوات من الزواج الى شخصية باهتة بلا معالم و لا ألوان. الحياة الزوجية هي امتداد لحياة الفتاة قبل الزواج، و يتوجب على الزوج أن يعي ذلك جيداً و لا يقف حجر عثرة في طريق نجاح زوجته و مواصلة دراستها أو عملها. و يتوجب على الفتاة أن تفهم ذلك، و لا تغرق في الانتظار و التفكير و تبالغ في توقعاتها و أحلامها. وبعد زواجها لا تنسى أن في حياتها إنساناً يستحق منها أن تهتم به هو(نفسها). فلتعش كل فتاة حياتها و تستمتع بتفاصيلها و تسأل الله زوجاً صالحاً تجد في كنفه الحب و الاحترام.