لماذا يختلف الناس أحيانًا على قضايا يسيرة، ربما تقودهم إلى القطيعة وربما العداوة؟! الأسباب كثيرة بلا شك، ولكن مما يؤدي إلى النزاعات بين البشر أنهم يفشلون في تحديد ما يريدونه من الآخرين، وماذا يمكنهم تقديمه للآخرين. في كثير من المواقف نرى شخصين مختلفين حول أمر ما، أحدهما متشبث برأيه، ولا يريد أن يتزحزح عنه قيد أنملة؛ فيرد عليه الثاني بموقف مشابه. ربما ليس قناعة بهذا الأسلوب، ولكنه تأثر بموقف صاحبه وردة فعل عكسية تجاهه. هناك قاعدة تقول: ركزي على الاهتمامات أكثر من المواقف. ومعنى هذه القاعدة أن تحاوري الآخرين وتتفاوضين معهم على أساس النتائج التي يهمك الوصول إليها أكثر من الموقف الذي اتخذته أثناء النقاش أو عند تبادل الرأي في البداية. هناك مثال يوضح ذلك: اختلفت امرأتان على برتقالة وجدتاها ملقاة على الأرض في الوقت نفسه. أرادت واحدة منهما أن تأخذها لنفسها، ولكن الأخرى كانت تقول إنها شريكة لها، ولن تسمح لها بأخذها. وبعد نزاع طويل، اتفقتا في الأخير على اقتسامها. في تلك الأثناء، مرت بهما امرأة حكيمة، ورأت نزاعهما، فقالت للأولى: لماذا تريدين البرتقالة؟ قالت: أريد أن آكلها. وسألت السؤال نفسه للمرأة الثانية، فأجابتها قائلة: أريد أن أصنع كعكة بنكهة البرتقال. اقترحت تلك المرأة عليهما أن تقشرا البرتقالة، فتأخذ الأولى اللب كاملًا لتأكله، بينما تأخذ الثانية القشر بأكمله لتصنع به الكعكة. لو استمرت المرأتان في التشبث بمواقفهما لاضطرتا إلى القبول بنصف ما حصلتا عليه. ولكن بذل قليل من الجهد في معرفة ما الذي يهم الطرف الآخر يساعد كثيرًا في الاستفادة من اختلاف الاهتمامات للحصول على حصة أكبر، مع المحافظة على الود والعلاقة الإيجابية مع الطرف الآخر. من الضروري التفكير بذكاء في كيفية استغلال الفوارق بينك وبين الآخرين، وكيف يمكن أن تكون عامل تقوية علاقة معهم، وابتعاد عن نقاط الخلافات. وغالبًا ما يكون التنازل عن الموقف بوابة تفتح لك الباب واسعًا للحصول على ما يهمك، بهدوء أعصاب وراحة بال. عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود [email protected] @mshraim