ما أن تضع ضيفة قدمها داخلة مجلسًا في مناسبة أو اجتماع نسائي، حتى تتّجه الأعين إلى حقيبتها، تلتهمها التهامًا. تتفحّصها وتدرس تفاصيلها لمعرفة أي سلالة عريقة تنتمي إليها هذه الحقيبة الزائرة. وحين يظهر أن الحقيبة من عائلة معروفة عالمية، يجري التأكد من صحة هذا النسب، وأنها ليست تقليدًا سخيفًا لمنتج براق. إذا اجتازت الحقيبة الزائرة هذه الاختبارات السريعة، وتم التأكد من كونها ماركة أصلية، فإن حاملتها ستفوز بابتسامات أوسع، وترحيب أكثر حرارة، وستحظى بالاهتمام. ومن نافلة القول أن أضيف أن الجميع سينصت لها باحترام عندما تتحدّث، ولن تقاطعها إحدى الثقيلات. تنتهي المناسبة وتخرج ضيفتنا مختالة مزهوة بحقيبتها التي تجلب لها السعد والأنس أينما ذهبت. لست بصدد الحديث عن الاعتدال في الإنفاق والدعوة لهجر هذه البضائع الثمينة فعن عمران بن الحصين -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله إذا أنعم على عبدٍ نعمةً يحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده" صحيح الجامع. لكني أمتعض من تقييم الناس بما يحملونه من ماركات وبما يرتدونه من فاخر الثياب، وأمتعض أكثر لأن هذا التقييم أصبح يشكّل ضغطًا كبيرًا على ميزانيات الأسر المتوسطة وما دونها. لقد بدأت حمّى التسوّق والماركات تشكّل خطرًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا على الكثير من الأسر. فاضطرت السيدات من الفئات المتوسطة، وما دونها للاقتراض أو للضغط على ولي أمرها لتوفير هذه الماركات، وسيدات أخر لجأن إلى البضائع المقلّدة لتلبس ثوبًا لا ترتديه مثلها، وترتقي مستوىً ليس لها، وتدّعي وضعًا اجتماعيًّا هي أبعد ما تكون عنه، في إشارة خطيرة إلى مستوى متدنٍ من الثقة بالنفس والرضا عن الذات، وقبل هذا كله جرح في إيمانها ورضاها بالقضاء و القدر. سيدتي الرائعة أعلم يقينًا أنك كتلة من مشاعر راقية، ومواهب فذة، وطاقات مبهرة، وكل هذا يكفي لتكسبي ودنا وتخطفي إعجابنا بدون حاجة إلى حقيبة ذات حسب ونسب!