إنها واحدة من أكثر الحوادث التاريخية خزيًا وعارًا وكارثية على الأمة الإسلامية، إنها المعاهدة التي وقعها الملك الأيوبي الكامل مع الإمبراطور فريدريك الثاني عاهل الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وبموجبها تم تسليم بيت المقدس للصليبيين غنيمة باردة من غير طعن ولا ضرب. كان الملك الأيوبي الكامل هو عميد الأسرة الأيوبية وملك الديار المصرية، وكان صاحب شخصية متقلبة، شديدة الذعر من خوض غمار أي معركة، وكان في نفس الوقت على خلاف دائم مع أخيه المعظم عيسى أمير دمشق، ومن أجل الملك والحكم ومناطق النفوذ والسيادة، أقدم الكامل الأيوبي على الاستعانة بالإمبراطور (فريدريك الثاني) ليشغل أخاه المعظم عيسى عن الهجوم على مصر. تقبل الإمبراطور "فريدريك الثاني" العرض ووجد فيه فرصة سانحة لتأكيد وترسيخ مكانه في أوروبا والعالم الصليبي، خاصة وأنه كان على خلاف شديد مع البابا "أوسنت الثالث"، وأعد الإمبراطور حملة صغيرة تقدر بأربعين سفينة، لعلمه بأنه لا قتال ولا معركة وتوجه إلى مدينة عكا في مطلع سنة 626ه وأرسل للملك الكامل الأيوبي يطلب منه تنفيذ بنود المعاهدة، ولم يجد الكامل بدًا من التنفيذ والتسليم، خاصة وأن الصراع في البيت الأيوبي قد بلغ ذروته، وخاف الكامل على كرسيه وعرشه، فبادر بتسليم بيت المقدس طوعًا للصليبيين وذلك في 1 ربيع الآخر سنة 626ه.