سبق في المقالة الماضية الحديث عن أسماء شياطين الشعراء وما يجري مجراها، وفي هذا المقالة تتمة الحديث، فمن أسمائهم: (الصُّلادم) فقد زعم بعض الأدباء والرّواة أنّه اسم شيطان من شياطين الشّعراء، وهو والد شيطان عبيد بن الأبرص، المسمّى: هبيد بن الصُّلادم. نقلوه من قولهم: الصُّلادم القويّ الشّديد الصّلب من الإبل والخيل، وهو رباعيّ، ووزنه (فُعالل) وهو ثلاثيّ عند بعض العلماء، من (صلد) بزيادة الميم، على وزن (فُعالِم) واشتقّه ابن فارس من أصلَين ثلاثيَّين: (صلد) و(صدم) (لافظ) ذكر أبو زيد القرشيّ في جمهرة أشعار العرب أنّ لافظَ بنَ لاحظ هو اسم شيطان امرئ القيس، وأورده في قصّة طويلة، لتأكيد زعمهم أن لكلّ شاعر شيطاناً يمده بالشّعر، وأنهم قد يختارون لأسماء شياطين الشّعر أسماء توافق أسماء الإنس. واشتقاق لافظ من اللّفظ، وهو اسم فاعل، كأنّهم لحظوا فيه وظيفته في إمداده الشّاعر بألفاظ الشّعر فراعوا ذلك في التّسمية. (مُدْرِك) ذكره أبو زيد القرشيّ ضمن شياطين الشّعراء، قال: هو مُدْرِك بن واغم صاحب الكميت بن زيد الأسديّ، وأنشد على لسان هبيد صاحب عَبيد بن الأبرص: ولاذَ بمُدْرِكَ رَهْطُ الكُمَيْتِ ملاذاً عَزيزاً ومَجْداً وَجَدّْ. وهو اسم مفعول من أدرك، كأنّه أدرك لصاحبة المعاني الشّاردة والقوافي الوحشية، وجيد الشّعر. (مِسْحل) هو اسم رجل، وزعموا أنّه اسم شيطان الأعشى، أي: شيطان شعره، وقد قال الأعشى فيه: وما كنتُ شاحرداً ولكن حسبتُني إذا مِسْحلٌ سَدَّى لِيَ القَوْلَ أنطقُ شريكان فيما بيننا من هوادةٍ صَفِيّان: جِنّيٌّ وإنسٌ مُوَفَّقُ يقول فلا أَعْيَى لشيءٍ أقولُهُ كفانيَ لا عَيٌّ ولا هو أخرقُ ومِسْحَل (مِفْعَل) واشتقاقه من قولهم: انسحل بالكلام: جرى به، ومنه: (المِسْحل) بمعنى اللّسان، أو الخطيب الماضي. (النَّجِيّ) وصف لكل شيطان من شياطين الشعراء، يقولون: لفلان من الشّعراء نجيٌّ من الجنّ، بمعنى صاحب من الجنّ أو الشياطين يناجيه ويحادثه دون سواء. وهو فعيل من النّجوى، وهي المُسارّة. (هادر) زعموا أنّه صاحب زياد الذّبيانيّ (النّابغة) أي: شيطان شعره، وهو الذي استنبغه، قال أبو زيد القرشيّ: هو أشعر الجنّ، وأضنّهم بشعره. واشتقاقه من الهدير، وهو الصّوت، كأنّهم أرادوا أنّ هذا الجنّيّ يرفع صوته هادراً بالقوافي. (هبيد) بنُ الصُّلادم، زعموا أنّه شيطان عبيد بن الأبرص، وبشر بن أبي خازم، وأنشد على لسان هبيد: أنا ابنُ الصُّلادم أُدعى الهبيد حَبَوتُ القوافيَ قَرْمَيْ أَسَدْ عبيداً حبوتُ بمأثوره وأنطقت بِشْراً على غير كَدّْ وهو علم منقول من قولهم: الهبيد: الحنظل، كأنّ شعره مُرّ المذاق لدى خصومه. (الهَوْبَر) و(الهوجل) زعموا أنّ للشّعر شيطانين، أحدهما: الهوبر، والآخر: الهوجل، فمن انفرد به الهوبر جاد شعره، وصحّ كلامه، ومن انفرد به الهوجل فسد شعره. والهوبر (فَوْعَل) اسم منقول، وهو في أصل اللّغة: القِرْد الكثير الشّعر..والصّلة بين وظيفة هذا الشّيطان (الهوجل) ومعنى اسمه ظاهرة، فالهوجل هو البطيء المتواني الثّقيل الأحمق. (واغم) وهو والد مدرك بن واغم شيطان الكميت، بزعمهم، وهو اسم فاعل، من (الوَغْم) القهر، أو الذَّحل والتِّرة والحقد. الجامعة الإسلامية - المدينةالمنورة تويتر/ sa2626sa@