بعدما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الأول الأربعاء أن إجمالي تعهدات الأطراف المشاركة في مؤتمر المانحين لصالح المدنيين واللاجئين السوريين قد تجاوز 1,5 مليار دولار، وقال بان في نهاية المؤتمر الذي استضافته الكويت بهدف جمع الأموال لصالح أكثر من 5 ملايين سوري يعانون مباشرة من النزاع المستمر منذ 22 شهرًا. وإذ أوضح أن المبلغ الدقيق للتعهدات «يتم احتسابه حاليًا»، وصف مون مؤتمر المانحين في الكويت بأنه «أكبر مؤتمر إنساني في تاريخ الأممالمتحدة»، وكانت كل من المملكة والكويت والإمارات أعلنت عن تقديم 300 مليون دولار لتشكل مساهمتها بذلك غالبية التعهدات التي سجلت في مؤتمر الكويت. لذلك، بات من المهم رصد الكارثة الانسانية التى يتعرض لها اللاجئون في الداخل والخارج، وبينما تتباين أعدادهم حيث لا توجد لهم إحصائية دقيقة حتى الآن، فهناك تقارير تتحدث عن تشريد 25 % من الشعب السورى سواء داخل سوريا أو خارجها، حيث أوضحت لبنان عن وجود 400 ألف لاجئ سوري على أراضيها، وطالبت الجامعة العربية في مذكرة رسمية بمبلغ 363 مليون دولار بشكل عاجل، وتقول الأردن إنها أنفقت أكثر من 600 مليون دولار حتى الآن على 200 ألف لاجئ سوري على أراضيها، بينما أفادت السلطات التركية أنها تستضيف أكثر من 750 ألف لاجئ معظمهم يعيش في المخيمات ويعيشون ظروف إنسانية بالغة القسوة وأنهم يواجهون كارثة إنسانية علاوة على ملايين المشردين داخل سوريا، هجروا قراهم ومدنهم بسبب قصف طائرات النظام لتلك القرى والبلدات، وهناك أيضًا 100 ألف لاجئ سوري أو يزيد تدفقوا إلى مصر منذ بداية الأزمة، يعيشون ظروف إنسانية غاية في الصعوبة والقسوة، شأنهم شان كل اللاجئين السوريين في الدول الأخرى، ظروف انسانية قاسية يعيشها اللاجئون السوريون في مصر منها نقص متطلبات الحياة اليومية ومتطلبات شروط الإقامة التي لا تتوفر لأكثر من 90% منهم، وتحصل 6 آلاف أسرة فقط على إعانة من مؤسسة سوريا الغد للإغاثة، التي تقوم بدعم وتسجيل القادمين إلى مصر، وتقوم بإنشاء مجتمع مماثل للوضع السوري مثل نجاحها في إقامة مدرسة للطلاب السوريين في مراحل التعليم الإلزامي، وتمنح المؤسسة مبلغًا ماليًا يتراوح مابين 100 إلى 150 دولار شهريًا للأسرة المسجلة لديها وتوفر لهم الرعاية الصحية المجانية، ويتعرض السوريون إلى معاناة محاولة بعض المنتفعين استغلالهم تحت شعار الزواج وهو ما ترفضه المؤسسة، في ظل مبالغات وسائل الإعلام حول ظاهرة زواج السوريات من أجل الحصول على إقامة شرعية في مصر. «المدينة» حاورت مدير مؤسسة «سوريا الغد للإغاثة» الدكتور ملهم الخن والذي كان قادمًا من جولة داخل الأراضي السورية استمرت لمدة 20 يومًا وجرت بصورة سرية، مما يجعل هذه الرحلة نوعًا من المغامرة المحفوفة بالمخاطر، وقدم لنا أرشيفًا صحفيًا من الصور النادرة التي تسجل معاناة سكان المخيمات داخل ومعاناة السوريين في الداخل.. وفيما يلي نص الحوار.. * في البداية، كيف بدأ نشاط هذه المؤسسة الإغاثية في مصر؟ ** بدأ نشاط مؤسسة «سوريا الغد للإغاثة» من خلال عمل اللجان الشبابية التطوعية من الشباب السوري في مصر، وبهدف توفير الاحتياجات الضرورية للعائلات السورية الوافدة إلى القاهرة، وتزايد توافد العائلات السورية مع زيادة القصف السورى للمدن والقرى السورية وطال جميع المحافظات بدون استثناء، ما أجبر السوريين للهروب من جحيم بشار، من هنا بدأت فكرة تحويل العمل الإغاثي التطوعي إلى عمل مؤسسي بإنشاء مؤسسة إغاثية تطوعية طبقًا للأسس العالمية، وبدأت «مؤسسة سوريا الغد للإغاثة» استكمال عملها في الداخل السوري وخارج سوريا، وتوجه نشاطها إلى العمل الإغاثى في الداخل والخارج، ويوجد للمؤسسة 4 فروع في مصر وفروع في فرنسا وتركيا، وعدة مكاتب في الداخل السوري. * وما هي بالتحديد أهم مناطق تجمع اللاجئين السوريين في مصر؟ ** تعد مدينة 6 أكتوبر من أكبر مناطق تجمع اللاجئين السوريين، ويليها مدينة العبور في شرق العاصمة المصرية وتجمعات صغيرة بمنطقة ميدان التحرير، وهناك تجمعات خارج العاصمة المصرية أشهرها تجمع السوريين في منطقة برج العرب بمحافظة الإسكندرية شمال مصر، وتجمعات أخرى بمدينة المنصورة وأيضًا في مدن الإسماعيلية وبورسعيد. * وكيف يحصل اللاجئ السورى على الدعم في القاهرة؟ ** تقوم مكاتب المؤسسة بتسجيل أسماء القادمين إليها وأخذ الأوراق الثبوتية ويتم تسجيل وأرشفة البيانات، وبعد ذلك يتم التواصل مع اللاجئين الذين تم تسجيل أسمائهم وتقديم الدعم اللازم لهم، سواء كان دعمًا ماديًا يتراوح ما بين 100 إلى 150 دولار شهريًا وهو رقم هزيل لا يكفي إطعام الأسرة السورية «عيش حاف» بلغة أشقائنا المصريين، كما نقوم بتوفير الخدمة الطبية المجانية لهم من خلال التعاون مع هيئة الإغاثة باتحاد الصحفيين العرب ونقابة الأطباء المصرية، كذلك دعم المنظمات الأهلية المصرية وتبرعات بعض التجار السوريين في مصر، ونقوم أيضًا بحملة توظيف للسوريين في مصر بالتعاون مع عدة جهات وعبر الحملات التي تقوم بها الفضائيات المصرية الحكومية والخاصة، واستطعنا توفير 150 فرصة عمل للسوريين تم تسكين 100 وظيفة وهناك 50 وظيفة شاغرة للراغبين من السوريين. * وهل بكل تلك التحركات والدعم الذي تتحدثون عنه تم تغطية احتياجات كل اللاجئين السوريين الموجودين بمصر؟ ** بالطبع لا، نحن فقط استطعنا توفير الاحتياجات الضرورية ل6 آلاف أسرة من اللاجئين في مصر والذين يزيد عددهم عن 100 ألف لاجئ، ولكن هناك دعم مباشر يتم من خلال الأشقاء المصريين إلى إخوانهم السوريين وتم إسكان ما يزيد عن 450 أسرة سورية لدى أهالي مصريين، كما قامت المؤسسة أيضًا بفرش وتأسيس 80 شقة لإيواء المحتاجين من اللاجئين. * ما هى الجهات المصرية التي تدعم نشاطكم في تدبير احتياجات اللاجئين السوريين؟ ** أبرز المتعاونيين معنا في النشاط الإغاثي للاجئين السوريين، لجنة الإغاثة الانسانية التابعة لنقابة الأطباء المصرية، حيث تقدم مبالغ شهرية لبعض الأسر السورية، إضافة إلى جمعية «بيت العائلة»، ونقوم بالتواصل أيضًا مع المفوضية العليا التابعة للأمم المتحدة. * وبالنسبة للدعم الرسمي من الحكومة المصرية، هل هناك دعم منها؟ ** بالفعل هناك دعم وتواصل مع الحكومة المصرية، حيث قامت الحكومة بفتح مجال التعليم أمام السوريين ويتم معاملتهم بنفس معاملة الطلبة المصريين، ولكن يتم تدريس المناهج والمقررات المصرية على طلبة التعليم الإلزامي، لذلك قمنا بفتح مدرسة سورية في مدينة 6 أكتوبر بالتنسيق مع الجهات الرسمية المصرية، ويقوم مدرسون سوريون بتدريس المناهج السورية للطلبة السوريين، وفتحنا تلك المدارس بهدف توفير مناخ مقارب للمناخ التعليمي الذي كانوا عليه في سوريا. *هل هناك مشاكل تواجه السوريين للدخول أو الإقامة في مصر؟ ** عملية دخول السوريين إلى مصر سهلة وتتم بدون أية مشكلات أو معوقات، ولا يتطلب الدخول سوى امتلاك جواز سفر، ولكن المشكلات التي تواجه اللاجئين، تبدا بعد الثلاثة أشهر المسموح بها للزيارة، حيث يتطلب بعدها الحصول على إقامة ومن يتخلف عن تقنين أوضاعه يتعرض للغرامات وبعدها تبدأ المشكلات، ويشترط للحصول على الإقامة في مصر عدة شروط مثل الدراسة، أو يكون أبناؤه بالمدارس أو الجامعات المصرية، أو أن يكون عاملًا بأحد الشركات النظامية «الحكومية» أو يمتلك سجل تجاري. * كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن ظاهرة زواج السوريات، ما حجم الظاهرة وما هي حقيقتها؟ ** نعم، بدأ يتواتر الحديث عن زواج اللاجئات السوريات في مصر في وسائل الإعلام وبصورة مبالغ فيها، ولكن هذا لا يعني عدم وجودها، كما لا ينكر أحد استغلال بعض ضعاف النفوس لحاجة بعض الأسر السورية اللاجئة وربط تقديم المساعدات لهن بالزواج، وهي محاولة مستنكرة من غالبية الشعب المصري الذي يتبارى في تقديم الدعم الخالص ولوجه الله للأشقاء السوريين ويحسنون ضيافتهم، ونحن أيضًا في المؤسسة نتلقى اتصالات يومية من مصريين يرغبون في الزواج من سوريات ونرفض أن نتدخل في هذه القضية. * ما هي علاقة مؤسستكم الإغاثية بمكونات وتنظيمات المعارضة السورية؟ ** نحن مؤسسة مدنية خيرية إنسانية ولا نعمل بالسياسة، ولا نتلقى دعمًا من المعارضة السياسية، ونقدم الدعم للمحتاجين السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، ومستعدون لتقديم الدعم للمؤيدين للنظام السوري إذا كان في حاجة للدعم وظروفهم تتطلب، ورغم ذلك نحتفظ بعلاقات ودية مع الائتلاف السوري الموحد. * تستعد خلال الأيام القادمة لزيارة المملكة، كيف ترى دعم المملكة رسميًا وشعبيًا للسوريين؟ ** قدمت المملكة نموذجًا فريدًا في الدعم الإنساني للشعب السوري، وعكست الروح الإنسانية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وحكومته التي لا تدخر جهدًا في غوث المنكوبين في شتى بقاع العالم، وجاء دعمها للشعب السوريا مع الروح الإنسانية لخادم الحرمين الشريفين وحكومته، وكان الشعب السعودي الشقيق عند حسن الظن به دائمًا وفتحت حملات التبرع الشعبية في أنحاء المملكة وقدمت المملكة حكومًة وشعبًا نموذجًا للعطاء، وكانت قاطرة العطاء التي لعبت دور المحفز لكل الشعوب العربية. * ماذا عن رحلتكم داخل سوريا؟ ** دخلت مؤسسة سوريا الغد للإغاثة بالتعاون مع لجنة الإغاثة الإنسانية التابعة لنقابة الأطباء المصرية إلى سوريا في مغامرة محفوفة بالمخاطر، وبهدف تنفيذ عدة مشروعات لخدمة الداخل السوري، كان آخرها مشروع كسوة الشتاء ومشروع شراء وتوزيع الطحين المخصص للمناطق الشمالية، حيث بدأنا بتشكيل وفد من المؤسسة والنقابة والتوجه من مصر إلى الجنوب التركي ومنها إلى الداخل السوري، وكانت المحطة الأولى لنا هي منطقة ريف اللاذقية، وقمنا بالعبور من الجنوب التركي إلى سوريا من خلال التسلل عبر الجبال الوعرة في رحلة استمرت ما يقارب الساعة والنصف مشيًا على الأقدام لنصل إلى المدن والقرى المحررة في ريف اللاذقية، ثم بدأت جولتنا بزيارة المستشفيات الميدانية والاطلاع على أوضاعها وعن أهم الاحتياجات وأهم الحالات التي يتم استقبالها، حيث وجدنا نقصًا شديدًا في الكوادر الطبية وفي أدوية التخدير والمضادات الحيوية والمحاليل الغذائية، وكانت أصوات القصف والطيران والتي أصبحت روتينًا لا تغادر أسماعنا، بعدها توجهنا إلى المدارس والمخيمات التي يقيم فيها النازحين وكانت الأوضاع الإنسانية صعبة جدًا، حيث انقطاع كامل للكهرباء ونقص في مادة الطحين وغلاء أسعار الوقود اللازم للتدفئة والتنقل ونقص شديد وحاد في وسائل التدفئة، وكل هذا تزامن مع أوضاع جوية شديدة البرودة وغزارة في الأمطار والثلوج. * ماذا قدمتم للمنكوبين في الداخل السوري؟ ** قمنا بتوزيع ما يزيد عن 5 آلاف بطانية على النازحين والمتضررين، وكان الجيش الحر يرافقنا في كل جولاتنا، حيث أمّنوا لنا كل وسائل الدعم الأمني واللوجستي خلال التنقل في جبال التركمان الوعرة، ولم يكن بالأمر السهل والبسيط في ظل وجود أعداد كبيرة من القرى والمدن التابعة للنظام، وبعد انتهاء رحلتنا في ريف اللاذقية قمنا بالتوجه إلى الأراضي التركية عبر الشريط الحدودي ومنها إلى منفذ باب الهوى الحدودي والذي يسيطر عليه كتائب الجيش الحر، حيث تم استقبالنا من قبل المجالس المحلية المدنية ومن ثم بدأنا جولاتنا التي شملت معظم المدن في ريف إدلب، وتوجهنا إلى مخيم أطمة الموجود داخل الأراضي السورية نفسها. * ما هي أبرز مشاهداتكم للدمار في القرى والمدن؟ ** في تجولنا بين المدن والقرى رأينا الدمار الشديد الذي خلفته آلات النظام ومظاهر العنف والقتل والتشريد في كل حجر وكل زاوية، مئات المواطنين يقفون في صفوف طويلة ولساعات طوال للحصول على رغيفين من الخبز وبأسعار عالية، وعندما يأتي المساء يحل الظلام الدامس ولا تسمع سوى أصوات الرياح، وكأنك ترى مدن الأشباح التي تنعدم فيها الحياة كما تصورها الأفلام. * هل توفر لديكم تعداد النازحين في الداخل؟ ** من خلال حديثنا مع المجالس المدنية عن أعداد النازحين، قالوا يوجد ما يزيد عن 4 ملايين نازح في الأراضي السورية ممن فقدو منازلهم وديارهم وانتقلوا ليعيشوا في مخيمات أو في دور الإيواء وفي المرافق العامة، وقمنا بتوزيع شاحنات الطحين المخصصة على النازحين والمتضررين، وقمنا بأخذ تقارير مفصلة عن الأوضاع والاحتياجات بالإضافة إلى دراسات لعدة مشروعات التي من الممكن أن تساعد وتساهم في تخفيف المعاناة.