أكد مدير عام الصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة وأمين عام اللجنة الوطنية لرعاية المرضى النفسيين وأسرهم الدكتور عبدالحميد الحبيب ان الأمراض النفسية داخل المملكة في حدود المعدلات الطبيعية ووفق المعايير الدولية وان لم تكن اقل. وانتقد فى حوار مع «المدينة» رفض بعض الأسر استلام أبنائهم بعد انتهاء فترة العلاج النفسي واستقرار حالتهم النفسية، وأشار إلى أن عدم تقبل المريض ومساعدته للعودة إلى أسرته قد يتسبب في انتكاسته واتخاذه موقفا عدائيا من أسرته وأقربائه.. وفيما يلى نص الحوار. بداية هل تعتقدون أن المرض النفسي وصل إلى حد الظاهرة المجتمعية فى المملكة؟ **المرض النفسي يوجد في جميع المجتمعات.. وفي أي مكان على وجه الأرض يوجد به أناس يكون منهم مرضى نفسيون.. وبالنسبة للمجتمع السعودي فالأمراض النفسية في حدود المعدلات الطبيعية وفق المعايير إذا لم تكن اقل. نود تسليط الضوء على رفض بعض الأهالي استلام أبنائهم بعد مكوثهم للعلاج النفسي؟ يمثل رفض بعض الأسر استلام أبنائهم بعد انتهاء فترة العلاج النفسي واستقرار حالتهم النفسية وخروجهم من المستشفى حسب رأي الفريق المعالج مشكلة حقيقية تواجه المستشفى والمريض نفسه، كما أن عدم استلام أسرة المريض لمريضها وعدم التعاون مع المستشفى لاستكمال علاجه داخل الأسرة وعدم تقبل عودته إلى أسرته يتسبب في انتكاسه المريض واخذ موقف عدائي من أسرته وأقربائه. وما الأسباب التي تؤدي إلى رفض الأهالي استقبال أبنائهم بعد العلاج من وجهة نظركم؟ هناك أسباب مختلفة لرفض الأسرة للمريض وعدم قبول خروجه من المستشفى لعل أهمها هو الخوف من المريض والخبرة السلبية السابقة عنه وكذلك عدم الرغبة في تحمل المسؤولية تجاه المريض والتواكل بين أفراد الأسرة فى ظل بقاء المريض في المستشفى لفترات طويلة يجعل الأسرة تتخلى عن المسؤولية تجاهه وينشغل أفرادها بأمور ومشاغل الحياة وغير ذلك من الأسباب. وقد يكون لدى المريض انطباعات محددة تجاه أفراد الأسرة وقد يكون من الصعب إعادة إدماجه مع أسرته إلا بعد زوال هذه المعتقدات والسيطرة عليها بالوسائل العلاجية المختلفة. وما تعليقكم على الأهالي الذين يقومون برفض أبنائهم؟ **إصابة احد أفراد الأسرة بمرض نفسي لاشك انه يشكل صدمة وضغطا كبيرا على الأسرة بكاملها ويجب أن تتعاون الأسرة لتجاوز هذه الأزمة وان يتم توزيع الأدوار بينهم حتى لا يحدث ملل وان تحاول الأسرة ممارسة حياتها بشكل طبيعي قدر الامكان ومساندة المريض ومشاركته في الأنشطة الحياتية والتواصل مع الفريق المعالج وبعد ذلك وقبله الإيمان بقضاء الله وقدره والدعاء والتوكل عليه سبحانه وتعالى. وما الدور الذي تقومون به بعد رفض ذويهم لهم؟ في الحقيقة أن هناك عددا من الخيارات لعل من أهمها محاولة إقناع الأسرة بأهمية خروج المريض إلى اسرته ومجتمعه وان بقاءه في المستشفى سوف يجعل منه مريضا نفسيا مزمنا بحيث يفتقد ثقته في نفسه وفي التعامل مع الآخرين وبدلا من أن يكون فردا منتجا يصبح إنسانا عاجزا ويعتمد على الآخرين في تلبية احتياجاته الأساسية. وفي حال فشل مثل هذه المحاولات يمكن خروج المريض النفسي المستقرة حالته بنفسه عندما يقرر الفريق المعالج انه قادر على ذلك وفي أحيان أخرى يتم الرفع الى إمارة المنطقة أو الشرطة لتوجيه الأسرة بالتعاون مع إدارة المستشفى تجاه علاج مريضها، كما انه وفي بعض الحالات التي لا يوجد لها عائل يمكن تحويله إلى دار الإخاء الاجتماعي في مدينة الرياض ويتبعها كذلك دار أخرى في محافظة جدة لإحالة المرضى النفسيين المزمنين الذين لا عائل لهم إلى هذه الدور. وسوف يتم افتتاح عدد من الدور الأخرى في العديد من المدن والمحافظات حسب الاحتياج وفق خطة معتمدة لدى الإدارة العامة للصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة. وكيف يمكن علاج هذه النظرة السلبية للمريض النفسى داخل المجتمع؟ يجب تحسين عملية القبول الاجتماعى للمريض النفسي من قبل أسرته والمجتمع وهذا يمر بعدة مراحل منها دور توعوي عام يتمثل في تعزيز مفاهيم الصحة النفسية وتكثيف برامج التوعية بمختلف الوسائل المتاحة حسب ثقافة المجتمع وأدوات التأثير.. وهناك مرحلة خاصة بدراسة كل على حدة ومعرفة التوجهات والسلبية لدى الأسرة والتعامل معها من خلال الفريق المعالج وتكثيف الجلسات المخصصة للإجابة عن تساؤلات أفراد الأسرة والتعرف على الجوانب المختلفة التي يمكن التعامل معها وتزيد من تقبل المريض ومساعدته على تجاوز الأزمة. وما هي الطريقة المثلى التي يجب أن يتعامل بها المتعافي من قبل ذويه؟ الدمج الاسري هو الاساس للخروج من أزمة المرض النفسي ولا يمكن ان تكتمل دورة العلاج دون مشاركة الأسرة والتعرف على المريض وعدم الخوف منه أو عزله أو مطالبته بأمور تفوق قدرته وقد تتسبب هذه الحالة بالانتكاسة. ومن أهم الأمور التي يجب على الأسرة والفريق المعالج الاهتمام بها هو النقاش حول طبيعة المرض وشخصية المريض ونقاط القوة والضعف فيه والتعرف على الضغوط والتعامل معها بشكل مباشر وحاد وإحاطة الفريق المعالج بأي تغيرات والمحافظة على الأدوية ومواعيد المتابعة. وهل هناك تعاون بين وزارة الصحة وجهات أخرى بما يخص رفض الأهالي لابنائهم المتعافين من المرض النفسي؟ في حالات نادرة يكون ذلك وعندما لا يحصل المريض على حقوقه رغم استقرار حالته أو وجود إهمال من قبل الأسرة يتم التواصل والمحاولة والإقناع وفي حال لم يتم التجاوب يكون هناك تنسيق مع المنطقة وقد تكون الأسرة بحاجة للمساعدة المادية أو غيرها من الخدمات التي يتم تقديمها عن طريق الخدمة الاجتماعية بالمستشفى وفق آلية العمل المتبعة.