يجب أن لا نحمل سعودة الوظائف المسئولية أكثر مما يجب في حل مشكلة البطالة في المملكة والتي تبلغ 12.2% حسب مسح مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في النصف الأول من عام 2012م. تعتبر سعودة الوظائف أو إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة حلا جزئيا ومؤقتا لمشكلة البطالة والتي تعود الى أسباب متعددة منها الخلل في هيكل سوق العمالة والفجوة بين الطلب والعرض على العمالة الوطنية وعدم ملاءمة مخرجات التعليم لاحتياجات سوق العمل بجانب استيراد العمالة الوافدة. فالبطالة هي من نوع البطالة الهيكلية التي تحتاج الى إعادة هيكلة اقتصادية وإصلاح النظام التعليمي. ومشكلة البطالة ناجمة بالدرجة الأولى عن عدم القدرة على توليد فرص العمل لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الداخلين الجدد لسوق العمل والتي تقارب 200000 سنويا. فطبقا لقانون اوكان ( Okun, 1962) هناك علاقة عكسية بين نمو الاقتصاد ومعدل البطالة أي كلما زاد النمو الاقتصادي قل معدل البطالة، ولكن المملكة تعتبر حالة خاصة معاكسة لقانون اوكان حيث لوحظ عدم انخفاض معدل البطالة مع ازدياد معدلات النمو الاقتصادي في العقود الماضية. ويمكن تفسير هذه الحالة بأن معظم النمو في المملكة ناجم عن نمو القطاعات الاقتصادية المكثفة لرأس المال (Capital Intensive ) كقطاع البتروكيماويات الذي لا يوظف أعداداً كبيرة من العمالة بالرغم من استثماراته الضخمة. من المفيد أن يتم التعامل مع سعودة الوظائف بحذر شديد لكي لا تؤدي الى نتائج سلبية على أداء القطاع الخاص حيث دعت خطط التنمية الخمسية في المملكة الى إعطاء القطاع الخاص دورا اكبر في الاقتصاد الوطني من الدور الحالي الذي لا تتجاوز مساهمته 47%. ويخشى أن يقود التشدد في تطبيق برامج نطاقات التي أطلقتها وزارة العمل منذ ما يزيد عن العام الى إضعاف تنافسية مؤسسات القطاع الخاص على المستوى الدولي وارتفاع الأسعار في السوق المحلي بسبب ارتفاع تكلفة العمالة واحتمال انخفاض الإنتاجية وانتقال العمالة الوافدة الماهرة الى بلدان أخرى. والمطلوب تطبيق سعودة الوظائف بشكل تدريجي واعتبار السعودة أحد السبل المكملة لإجراءات أخرى لمكافحة البطالة لأن مشكلة البطالة أكبر بكثير من إحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة وتحتاج الى إعادة هيكلة اقتصادية ورفع جودة مخرجات التعليم وتأسيس المشاريع الريادية ومراعاة ظروف المؤسسات الصغيرة في برنامج السعودة. د. خليل عليان - أستاذ الاقتصاد والمستشار في وكالة التطوير والجودة في جامعة الطائف.