* منح كل مواطن أرضًا وقرضًا لاحظوا هنا كلمة (مُواطِن)، أين كلمة (مُواطِنَة)؟! هذه المفردة التي أصبحت اليوم أكثر حضورًا من ذي قبل، نعم حَضَرَت هنا و حضرت هُناك وهي أصلًا غائبة في العُرف، في التقاليد، حتى في الخطاب الذي ينسى أو يتناسى أنها (مُواطِنة)، لها حقوق وعليها واجبات، هذه الأنثى التي هي أمي وأمك وأختي وأختك وخالتي وخالتك وجدتي وجدتك، هذه الأنثى التي عاملها الرجل بقسوة وسلطة ذكورية مطلقة، ألغت من الذاكرة حضورها المبكر، وأرهقتها كثيرًا في الحياة، وعلقتها في الريح لتبقى المسكينة واقفة تنتظر الفرج، وتأمل في أن تنتهي مآسيها كلها مع الأنظمة التي فرضت عليها أن تكون تابعة، مع أنها هي الحياة كلها، وفي الحقيقة أنا معجب جدًا بالكاتب الصغير «باسل الثنيان»، هذا الكاتب الذي قرأت له في صحيفة الشرق مقالًا جميلًا عنونه ب(وش اسم أمك)، قال فيه: أفكر كثيرًا في واقعنا، وهل بقي من عادات الجاهلية شيء؟! وهل سنجهل مثلهم؟! حيث يخجل الطفل والشاب حتى الأربعيني أن يذكر أسماء محارمه، ول »باسل» أقول: صدقت يا باسل هذه ثقافة مجتمع عامل المرأة وتعامل معها على أن كلها عورة، وهمّشها كثيرًا، وها هو ذا القلم اليوم يكتب لها، ولكل أنثى، أن هذا الحاضر لن يكون كما كان الأمس أبدًا، وأعدك يا باسل أن أقول لك اسم أمي وأختي وزوجتي وكل بناتي اللاتي أنا أعتز جدًا بهن، وهن يحملن اسمي، وأحمل أسمائهن شيئًا جميلًا أكبر من أن أدسه أو أخجل منه...!!! * يا باسل أكتب لك هذا المقال باسمك أنت، ليس بهدف تشجيعك على الكتابة، بل لأنك اخترقت حاجز السن وتعلّمت كيف ترش الألوان على الجرح، وابتدأت كالبدر في اختراق الغيمة الأولى، لتظهر للناس بصوتك الآتي من وهج الشمس، لتسأل هذا السؤال الحامض (وش اسم أمك)، وأنا سوف أجيبك يا سيّدي الصغير ويا زميل الحرف، والكبير حقًا، بأن اسم أمي يُشرّفني، أمي التي حملتني في بطنها تسعة أشهر، ومنحتني من دمها هذا الوجود الذي يُشرّفني أن أعيشه خاضعًا ذليلًا لها ما حييت، أمي التي أفخر جدًا بأنها أمي وأعتز جدًا أنني ابنها الذي يأمل أن يُقدِّم لها بعض القليل من الكثير التي منحتني إياه، فهل تعتقد أن حاضرنا اليوم يخجل من أن يذكر اسم أمه أو محارمه، أبدًا لا لكنه العرف الخاطئ هو الذي نسي اسمها، كما تنسى كل التصاريح أن تضع مع الذكر الأنثى، كتلك البداية التي قالت: (لكل مواطن)، ونسيت الأهم!! نسيت كلمة مواطنة...!!! * (خاتمة الهمزة).. أكثر اللحظات وجعًا هو أن يهديك العرف ذنبًا، وأكثر اللحظات جنونًا هي أن تسقط حقوقك جملة مفيدة، وأكثر اللحظات حبًا هي أن ترى عيني وجه أمي عائشة بنت عبدالله.. وهي خاتمتي ودمتم. [email protected]