ضاقت بي الأرض، بالطول والعرض، فلم أؤد صلاة الفرض، كأني مصاب بالعض، وأخلاقي فض، فتنكر لي البعض، حتى ُُنومي قض، فقررتُ زيارةُ المقابر، لعلي أنشر لديها المخابر، وأدفن في أراضيها المعابر، وربما أجد فيها المُجابر، جلستُ أمام القبور، لأتذكر العبور، واستعد ليوم النفور، بثثتُ مشاعري، لأرى صدى خواطري، فكنتُ بين شهيقٍ وزفير، ففي داخل الأرضِ عظيم وحقير، وكبير وصغير، ووزير وأمير، لملمت أفكاري، واستجمعتُ قوتي، وسردتُ قصتي، لعلي أجدُ رداً لحكايتي، طال بي المقام، حتى خفت الملام، نظرت نظرة المقصّر، أمام الوالي المعسّر، تسللتْ إليّ كلمات، لستُ أدرك المصدر والجهات، فقال ذلك الصوت المبحوح، كأنه قد اعتصرته الجروح، وفارقته الروح، أعييّت الأحياء، وأتعبت العلماء، وأزعجت الأولياء، وأيقظت العظماء، فإلى متى يا أبا العلياء، أما آن أن تستفيق، وتترك مشاكسات الشقيق، وتهاجر الباحة والعقيق، وتغيّر الصاحب والرفيق، وتبتعد عن أماكن الضيق، همّك قليل، وصاحبُك عليل، والمعطي جليل، فلا تنتظر الدليل، فكّر في ذاتك، وحقق طموحك، وتجاهل همومك، ولا تنظر خلفك، انطلق الى الأمام، لتحجز المقام، وفكّر في القادم، ولا تكن للفتنة خادم، ولا للعهد هادم، ولا للخائن قادم، اصبر وصابر، وكن للهم قاهر، وللشر قاصر، وبالحق جاهر، كل الحياة بها مهموم ومغموم، ومقهور ومغمور، فلا تنشر حكاويك، ولا تزعج محاكيك، ولا تكسر معاليك، كن في الحياة مبدعا شهما، منطلقا سهما، تأكل الأشواك، وتنظر الأفلاك، وتعبد رب الملاك، لا تكثر الشكوى، فتنزل عليك البلوى، وخذ من حياتك الحلوى، واطلب من إلهك المن والسلوى، تعايش مع الأمور، بجبر المكسور، وإنقاذ المعثور، وتطبيق المأثور، في التعامل مع المأسور، فوّض الأمر إلى الخالق، ولا تعاشر المارق، واهجر السارق، واستقبل الطارق، وبالحب عانق، وافرش النمارق، لأهل البيارق، وإياك أن تفارق، وابعد نفسك عن المنافق، وكن معظم الأوقات رائق، حتى تكون أمام الله لائق، وعند الناس فائق، وللعدو عائق، سامح القريب والبعيد، وتقبّل الأمر الجديد، ولا تكن جافي ولا عنيد، ليكن يومك لطيف وسعيد خيّم الصمت على المقابر، فلم أرَ جالس أو عابر، ولا بر ولا فاجر، لملمت جراحي، بعدما زالت أتراحي، وحلت أفراحي، وإلى اللقاء يا صاحي. صالح آل مرعبه - جدة