أحمد علي العمري من أهالي قرية ذي عين الأثرية، يبلغ من العمر ستين عامًا، ومازال يعمل في زراعة الريحان والكادي، وقد عاش معظم حياته في تلك القرية الأثرية بجوار مزارعه التي لا يفارقها، والتي تنتج الموز والليمون والكادي، كما تجده منذ مشرق الشمس وحتى الغروب وهو يحرس تلك المزارع من القرود والأيدي العابثة. ويقول العم أحمد ان النباتات العطرية تمثل واجهة للأسواق في منطقة الباحة، وتحظى بإجلال وإكبار من أهالي تلك المناطق وزوارها، ومازال هناك إقبال على هذه النباتات العطرية سواء من أهالي المنطقة أو الزوار، ويشتد الإقبال عليها في الزواجات والمناسبات وكذلك في الأعياد. وهي تجلب من بطون الأودية ومن المناطق الجبلية والمرتفعات، قائلًا: إن الكادي له أوقات في قطفه، فلا يقطف إلا مع الفجر أو عند الغروب وهذا سر غريب لا نعلمه، ونقوم ببيعه منذ القدم، ومع بداية الصيف يستمر بيع الكادي كل يوم لتزايد الطلب عليه من أجل الأعياد والمناسبات. ويشير العم أحمد إلى أن الأجداد كانوا يقطفون كل جمعة من هذا الريحان، ويضعونه على رؤوسهم أو جيوبهم، ومن لديه زيادة منه، فإنه يوزعها في باقات، وينثرها في مسجد الجمعة ليقدمه للمصلين، كما كانوا يقدمونه لمن يحبون، فالمرأة تقدمه لضيوفها، والرجل الذي ينوي خطبة فتاة يصطحب هذه الباقات، وكثير من كبار السن يعتبرونها من الموروثات الشعبية الرائعة التي مازالت تجد إقبالًا كبيرًا من جميع فئات المجتمع على الرغم من توفر أشهر العطور الشرقية والغربية الأخرى، إلا أن تلك النباتات العطرية احتفظت بقيمتها وأصالتها ورونقها الجميل بين أهالي المنطقة، ومازال لها محبوها وعشاقها من جميع أطياف المجتمع. ويوضح العم أحمد قائلا: يفضل عدد كبير من كبار السن بمنطقة الباحة اقتناء الريحان والكادي والغراز وغيرها من النباتات العطرية على العطور ذات الماركات العالمية، وذلك لما تحتله هذه النباتات من مكانة كبيرة لديهم ولا يستغنون عنها في جميع المناسبات، وقد احتفظت هذه النباتات بقيمتها وأصالتها ورونقها الجميل بين أهالي المنطقة. كما أنّ النباتات العطرية مازالت تفرض وجودها في الأسواق الشعبية رغم وجود العديد من العطور ذات الماركات العالمية، ولا يقتني هذه النباتات في الغالب إلا كبار السن من الرجال والنساء، وفئة قليلة من الشباب الذي يحب هذه النباتات، وذلك لمعرفتهم بأهمية وفوائد هذه النباتات، مشيرا إلى أنّ روائحها لا تزول بسهولة كما هو حال للعطور المستوردة، ومؤكدًا على أنّ البعض يستخدمها كمعطرات لمياه الشرب.