يفضل العديد من الشبان والرجال والمسنون في تهامة عسير، وضع النباتات والروائح العطرية حول رؤوسهم، بل ويجدونها سمة تميزهم عن غيرهم. ويؤكد عدد من المهتمين بالنباتات، أن الروائح العطرية ما زالت محل اهتمامهم على الرغم من انتشار العديد من الماركات العالمية للعطور، لافتين إلى أنهم يقطعون المسافات الطويلة من أجل الحصول عليها، إذ تمثل لهم جزءا من التراث الجميل. وأوضح الشاب العشريني محمد علي أحمد: أن العصابة أو المقصب هي مجموعة من النباتات العطرية التي تشكل بطريقة خاصة، وتلف حول شريط دائري بمقاس الرأس بتصاميم فنية رائعة، وبديكورات معينة تجسد معنى الطبيعة ونوع النبات الموجود بها، مشيرا إلى أن من النباتات العطرية: الفل، الكادي، الشذاب، البرك، السكب، والشيح، وغيرها من النباتات ذات الروائح العطرية الزكية. وقال بعض الشبان الذين لا يوجد لهم عمل في الوقت الحالي: إنهم بدؤوا اختيار هذه المهنة كمصدر رزق لهم، حيث تشغل أوقات فراغهم ويكسبون منها مبالغ لا بأس بها. بدوره، أكد محمد المخلوطي، أحد أشهر بائعي الروائح العطرية في سوق الدرب الشعبي: أن الإقبال على هذه النباتات العطرية لا يزال كثيفا، سواء من أهالي المحافظة أو الزوار، موضحا أن الأقبال يتضاعف في الزواجات والمناسبات والأعياد، ملمحا إلى أن عمله في بيع النباتات العطرية يبدأ منذ ساعات الصباح الأولى، وحتى الساعة العاشرة مساءا. من جهته، بين الخمسيني، مفرح يحي الألمعي: أن بعض النباتات العطرية مثل: الكادي والبعيثران، تجلب من بطون الأودية ومن المناطق الجبلية والمرتفعات، لافتا إلى أن الكادي له أوقات خاصة أثناء فترة القطف، فلا يقطف إلا مع الفجر أو عند الغروب، وهذا سر غريب لا نعلمه. وذكر الألمعي، أنهم يبيعونه منذ سنوات عدة ويزداد الطلب عليه مع بداية الصيف بالتزامن مع الأعياد والمناسبات، مستذكرا أن الأجداد كانوا يقطفون أغصان الريحان كل جمعة، ويضعونه في جيوبهم أو على رؤوسهم، موضحا أن البعض كان يوزعه على المصلين كل جمعة في المسجد، كما كانوا يقدمونه لمن يحبون أثناء تبادل الزيارات. في حين، أكد عبد الله هادي السلمي: أن النباتات العطرية من الروائح الزكية والفواحة التي تعتبر من الموروثات الشعبية الرائعة التي ما زالت تجد إقبالا كبيرا من جميع فئات المجتمع باختلاف أعمارهم. وقال السلمي: على الرغم من توفر أشهر العطور ذات الماركات العالمية إلى جانب الشرقية منها، إلا أن تلك النباتات العطرية احتفظت بقيمتها وأصالتها ورونقها وحضورها الجميل بين أهالي المحافظة، بل وأصبحت سمة تميز الألمعيين عن غيرهم، فتجدهم يضعون هذه الروائح العطرية في جيوبهم، أو على رؤوسهم أو في منازلهم، أو في مركباتهم دون أن يكون هناك خجل. بينما أكد أحد الشبان ويعمل طبيبا: أنه يضع هذه العصابة على رأسه عندما يذهب لإحدى مناسبات الزواج، وما زال لها محبوها وعشاقها من جميع أطياف المجتمع، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن هناك العديد من الأسر في قصور الأفراح، تحرص على اصطحاب كميات كبيرة من هذه الروائح وتوزيعها على جميع الضيوف في مناسبات الزواج.