طالب قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المنامة أمس، إيران بالكف الفوري والنهائي عن التدخل في شؤون دولهم. ودعوا في ختام قمتهم ال 33 إلى انتقال سياسي سريع في سوريا لوقف النزاع الدامي فيها. وأقر القادة، الاتفاقية الأمنية لدول المجلس بصيغتها المعدلة، فيما صادقوا على قرارات مجلس الدفاع المشترك، وباركوا إنشاء قيادة عسكرية موحدة تقوم بالتنسيق والتخطيط والقيادة للقوات البرية والبحرية والجوية المخصصة والإضافية. وعبر قادة دول المجلس في البيان الختامي الصادر عن قمتهم عن بالغ تقديرهم وامتنانهم للجهود الكبيرة، الصادقة والمخلصة، التي بذلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية، وحكومته الرشيدة، خلال فترة رئاسته للدورة الثانية والثلاثين للمجلس الأعلى، وما تحقق من إنجازات هامة. كما عبروا عن الشكر لله عز وجل على ما من به على خادم الحرمين من نجاح العملية التي أجريت له، داعيًا الله، أن يديم عليه موفور الصحة والعافية ليستكمل دوره الرائد في خدمة المملكة وشعبها ودعم مسيرة المجلس المباركة. وثمن المجلس الأعلى الكلمة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي جاء فيها حرصه على المسيرة الخيرة للدول الأعضاء والانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان قوي متماسك يلبي تطلعات مواطني دول المجلس. واستمرارًا لجهوده في خدمة القضايا العربية والإسلامية والدولية، رحب المجلس الأعلى بافتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات الذي تم افتتاحه في فيينا، بهدف تعزيز قيم الحوار ومكافحة التطرف. وأشاد المجلس الأعلى بزيارة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر لقطاع غزة في أكتوبر2012م، مثمنا دوره في فك الحصار عن القطاع وتقديم المساعدات الإنسانية وافتتاح عدد من المشروعات الاقتصادية والتنموية، وعبر عن أمله بأن تكون هذه خطوة أولى في إطار الجهد المبذول نحو وحدة الشعب الفلسطيني وتحقيق أهدافه المشروعة. وانطلاقًا من حرص قادة دول المجلس على تعزيز مسيرة التعاون المشترك، وتحقيقًا للمواطنة الخليجية الكاملة، استعرض المجلس الأعلى توصيات وتقارير المتابعة المرفوعة من المجلس الوزاري. كما بحث تطورات القضايا السياسية الإقليمية والدولية، في ضوء ما تشهده المنطقة والعالم من أحداث وتطورات متسارعة وأتخذ بشأنها القرارات اللازمة، وذلك على النحو التالي: مسيرة العمل المشترك ثمن المجلس الأعلى الخطوات التي تم اتخاذها لتنفيذ قراراته بشأن العمل المشترك فيما يتعلق بالمجالات المنصوص عليها في المادة الثالثة من الاتفاقية الاقتصادية، وأكد على ضرورة العمل على تعزيز روح المواطنة الخليجية لدى مواطني دول مجلس التعاون في مختلف المجالات. وتعميقًا للتكامل الاقتصادي بين الدول الأعضاء، وتفعيلًا لما أصدره المجلس الأعلى من قرارات بشأنه، بحث الأوضاع الاقتصادية في دول المجلس، وأعرب عن ارتياحه لما تشهده اقتصاداتها من نمو ملحوظ، وما تحقق فيها من تنمية شاملة في مختلف القطاعات. ووجه المجلس الأعلى اللجان المعنية بسرعة تنفيذ ما ورد في الاتفاقية الاقتصادية بخصوص توحيد السياسات المالية والنقدية، وتكامل البنية الأساسية وتعزيز القدرات الإنتاجية بما يضمن إتاحة الفرص الوظيفية للمواطنين، وكلف لجنة التعاون المالي والاقتصادي بتقديم برامج عملية وفق جداول زمنية للانتقال إلى آفاق أرحب للتكامل والاندماج الاقتصادي بين دول المجلس، تحقيقًا للهدف المنشود. وحرصًا من المجلس الأعلى على تحقيق تطلعات الشباب في دول المجلس والعناية بهم، واستثمار طاقاتهم، وتنمية مواهبهم، فقد وجه المجلس بإجراء دراسة شاملة للتعرف على البرامج المنفذة بمختلف الأنشطة الشبابية في دول المجلس، وقضايا الأسرة والطفولة وعقد ندوة شاملة بهذا الشأن. كما استعرض المجلس الأعلى مسيرة التعاون المشترك من خلال ما رفع إليه من تقارير وتوصيات من المجلس الوزاري واللجان الوزارية والأمانة العامة بهذا الشأن وقرر، الأخذ علما بتقارير المتابعة المعروضة عليه، واعتماد كافة القوانين (النظم) في مختلف مجالات العمل المشترك. وصادق المجلس الأعلى على قرارات مجلس الدفاع المشترك وبارك إنشاء قيادة عسكرية موحدة تقوم بالتنسيق والتخطيط والقيادة للقوات البرية والبحرية والجوية المخصصة والإضافية، وقرار الموافقة على علاج منتسبي القوات المسلحة وعائلاتهم بدول مجلس التعاون، المنتدبين في مهام رسمية أو المشاركين في دورات تدريبية بالدول الأعضاء، في المستشفيات العسكرية. كما أقر المجلس الأعلى الاتفاقية الأمنية لدول المجلس بصيغتها المعدلة والتي وقعها وزراء الداخلية في اجتماعهم الحادي والثلاثين بتاريخ 13 نوفمبر 2012م، مؤكدًا أهمية تكثيف التعاون فيما يتعلق بتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية في الدول الأعضاء. وأكد المجلس الأعلى على مواقف الدول الأعضاء الثابتة بنبذ الإرهاب والتطرف، بكافة أشكاله وصوره، ومهما كانت دوافعه ومبرراته، وأيًا كان مصدره. وأدان التفجيرات الإرهابية الآثمة التي وقعت مؤخرًا في مدينة المنامة بالبحرين، وراح ضحيتها عدد من الأبرياء، مشيدًا بدور حكومة البحرين البناء وتعاملها الشامل مع الأحداث، مؤكدا تضامنه الكامل مع البحرين في جهودها الرامية للحفاظ على وحدتها الوطنية وترسيخ أمنها واستقرارها. ورحب المجلس الأعلى بافتتاح المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف (هداية) في أبوظبي، كمركز يجمع بين الخبراء والخبرات والتجارب المتوفرة في كافة الدول لمكافحة التطرف العنيف بكافة أشكاله ومظاهره. وقرر المجلس الأعلى أن تقوم الهيئة الاستشارية في دورتها السادسة عشر بالتالي: دراسة إنشاء هيئة منظِمة للغذاء والدواء لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، دراسة إنشاء مركز خليجي مشترك متخصص للصحة العامة والوقائية، دراسة تقويمية للإستراتيجية الإعلامية لدول المجلس وتطويرها، آليات مكافحة الفساد ومعوقات التنمية في دول المجلس وعلاقتها بمنظومة القيم، وتقييم واقع وبرامج ثقافة الطفل وكيفية تطويرها. ووجه المجلس الأعلى بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الاجتماعات الوزارية المشتركة مع الدول والمجموعات الاقتصادية، بما يحقق المصالح المشتركة لمجلس التعاون وشركائه. الجانب السياسي جدد المجلس الأعلى التأكيد على مواقفه الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال جمهورية إيران الإسلامية للجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التابعة للإمارات العربية المتحدة، والتي أكدت عليها كافة البيانات السابقة، وأكد في هذا الخصوص على دعم حق السيادة للإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من الإمارات العربية المتحدة، ودعوة جمهورية إيران الإسلامية للاستجابة لمساعي الإمارات العربية المتحدة لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية. العلاقات مع إيران أعرب المجلس الأعلى عن رفضه واستنكاره لاستمرار التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، وطالب إيران بالكف فورًا ونهائيًا عن هذه الممارسات، وعن كل السياسات والإجراءات التي من شأنها زيادة التوتر، وتهديد الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكد على ضرورة التزامها التام بمبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية وعدم استخدام القوة أو التهديد بها. وعلى صعيد البرنامج النووي الإيراني، تابع المجلس الأعلى البرنامج النووي الإيراني الذي لا يهدد أمن المنطقة واستقرارها فحسب، بل الأمن والاستقرار العالمي، مشددًا على أهمية التزام إيران بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأكد المجلس مجددًا مواقفه الثابتة بشأن أهمية التزام إيران بجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج العربي، منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، منوها في الوقت ذاته بالجهود الدولية، لحل قضية البرنامج النووي الإيراني بالطرق السلمية. وأكد المجلس الأعلى على حق الدول، ومن ضمنها إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، واذ يستذكر المجلس بأن مسؤولية السلامة تقع على الدولة المشغلة لأي منشأة نووية، مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على البيئة في النطاق الجغرافي الواسع في المنطقة، وضرورة الالتزام التام بمعايير الأمن والسلامة وحظر الانتشار. وحيث إن إيران بدأت بتشغيل مفاعل بوشهر، فإن دول المجلس تدعوها إلى الشفافية التامة حيال هذا الموضوع، والانضمام الفوري إلى اتفاقية السلامة النووية، وتطبيق أعلى معايير السلامة في منشآتها. الشأن السوري استعرض المجلس الأعلى آخر المستجدات على الساحة السورية، في ظل استمرار تدهور الأوضاع والمعاناة الإنسانية الصعبة التي يعيشها الشعب السوري الشقيق، وعبر المجلس الأعلى عن عظيم ألمه وحزنه لاستمرار النظام في سفك الدماء البريئة، وتدمير المدن والبنى التحتية، الأمر الذي يجعل من عملية الانتقال السياسي للسلطة مطلبًا يجب الإسراع في تحقيقه، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والسريع لوقف هذه المجازر، والانتهاكات الصارخة، التي تتعارض مع كافة الشرائع السماوية والقوانين الدولية والقيم الإنسانية. وأكد المجلس الأعلى على أهمية تقديم الدعم والمؤازرة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، الذي تم تشكيله في الدوحة في نوفمبر 2012م، برعاية من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير دولة قطر، وجامعة الدول العربية، باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري. النزاع العربي الإسرائيلي استعرض المجلس الأعلى مستجدات القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967م، في فلسطين والجولان العربي السوري المحتل، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، وهي ذات المبادئ التي تضمنتها مبادرة السلام العربية، وعكستها قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وهنأ المجلس الأعلى الشعب الفلسطيني الشقيق وقيادته بمنح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، معربًا عن أمله أن يمثل هذا الإنجاز خطوة جادة نحو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية. وجدد المجلس الأعلى الدعوة إلى توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام ونبذ الخلافات. ورحب المجلس الأعلى بالاتفاق على وقف اطلاق النار في غزة، الذي تم برعاية مقدرة من جمهورية مصر العربية، ومؤكدًا على أهمية مواصلة الجهود لتعزيز هذا الاتفاق وعدم تكرار هذه الأعمال العدائية الإسرائيلية، محملًا إسرائيل المسؤولية القانونية المترتبة على هذا العدوان. الشأن اليمني أطلع صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، إخوانه قادة دول المجلس على مضمون الرسالة التي تلقاها من الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية، حول الإنجاز الذي تحقق في تنفيذ المبادرة الخليجية والخطوات التي تمت في سبيل تحقيق المزيد من الأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية، والتي عبر فيها عن تقديره واعتزازه بالدور الذي قام به أصحاب الجلالة والسمو في الوقوف مع الشعب اليمني خلال أزمته السياسية والحرص على تجنيب اليمن شبح الحرب الأهلية. وعبر المجلس الأعلى عن مباركته لما تم تحقيقه في المرحلة الأولى من تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وذلك بجهود الرئيس اليمني، وحكومة الوفاق الوطني ودعم الشعب اليمني وقواه السياسية، مؤكدًا دعم المجلس كل ما يحقق آمال وتطلعات الشعب اليمني الشقيق، آملًا من الجميع التكاتف والالتزام بما تم الاتفاق عليه بين جميع الأطراف. وأشاد في هذا الإطار بالقرار الأخير الذي أصدره الرئيس اليمني بإعادة هيكلة القوات المسلحة، والذي يأتي في إطار المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية كخطوة مهمة على طريق تعزيز الأمن والاستقرار في اليمن. ويتطلع المجلس الأعلى إلى نجاح تنفيذ المرحلة الثانية من المبادرة، وذلك بعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وبمشاركة جميع أطياف الشعب اليمني ومكوناته، واتفاقهم على كل ما يحقق مصلحة اليمن ويحفظ وحدته وأمنه واستقراره. كما اطلع المجلس الأعلى على التقرير الذي رفعه المجلس الوزاري بشأن زيارة الأمين العام لمجلس التعاون إلى الجمهورية اليمنية في شهر نوفمبر 2012م، لمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المُزمَّنة. الشأن العراقي أكد المجلس الأعلى على قرارات دوراته السابقة، ومواقفه المعروفة والثابتة تجاه العراق، والمتمثلة في احترام سيادة العراق واستقلاله ووحدة أراضيه وسلامته الإقليمية، وعدم ا لتدخل في شؤونه الداخلية، وحث الدول الأخرى على اتباع النهج ذاته، داعيًا الحكومة العراقية للقيام ببناء جسور الثقة مع الدول المجاورة على أساس مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. كما أكد المجلس على أهمية بذل جميع الأطراف في العراق تحقيق مصالحة سياسية دائمة وشاملة، تلبي طموحات الشعب العراقي، لتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على هويته العربية والإسلامية. وشدد المجلس الأعلى مجددًا على ضرورة استكمال العراق تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، ومنها الانتهاء من مسألة صيانة العلامات الحدودية بين دولة الكويت والعراق تنفيذا للقرار 833، بالإسراع في إزالة التجاوزات العراقية التي تعيق عملية الصيانة للعلامات الحدودية بين البلدين، والانتهاء من مسألة تعويضات المزارعين العراقيين تنفيذًا للقرار 899 والتعرف على مصير من تبقى من الأسرى والمفقودين من مواطني دولة الكويت وغيرهم من مواطني الدول الأخرى، وإعادة الممتلكات والأرشيف الوطني لدولة الكويت. وحث الأممالمتحدة والهيئات الأخرى ذات العلاقة بالاستمرار في جهودها القيمة لإنهاء تلك الالتزامات.