السائل (عبد العزيز حسن): لماذا لا نستفيد من مقرّرات اللّغة العربيَّة في مدارسنا وجامعاتنا؟ ا.ه (مختصرًا) الفتوى 73: لمّا كان السّؤال كبيرًا، احتاج إلى جواب كبير، وقد وصفنا في جزء الجواب الأول حال أبنائنا مع النحو والصرف، وكيف صُرفت أبصارهم وبصائرهم عن وجهها النَّاضِر، وجمالها الباهر.. وتشخيص الدّاء هنا في ثلاثة مواطن: (الطالب، والمعلم، والمنهج)، فأمّا المنهج فقد اجتهد مَن وضعه، وحاول التيسير فيما وضع، ولكنّه حين وضعه لم ينظر إلى المنهج في جميع المراحل بتدرّج دقيق، والواضع في المراحل الأولى غير الواضع في المرحلة المتوسطة وما بعدها، فاجتهدوا مأجورين في شرح المسائل وبسطها بتغيير في الأمثلة، وشيء من البسط في الشّرح، واعتنوا بتلوين الكلمات إلى خضراء، أو حمراء، أو زرقاء، وبأساليب مختلفة، وصُرفت الأذهان جملةً وتفصيلاً عن تصانيف النحو القديمة، فلمّا ارتقى الطالب إلى مرحلة الجامعة نظر إلى ما حصّله في دراسته فيما مضى فلم يجده شيئًا، ووجد شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك في النحو والصرف، لم يسمع به من قبل، أو سمعه ولم يقرأه، ولم يعتد على قرءاة النظم وأسلوب المتقدِّمين، وأبصر فجوة واسعة بينه وبين ما بين يديه من هذه الكتب التي يقول له مَن يدرِّسها: لا بدّ أيضًا من الرّجوع إلى هذه الكتب، كتاب كذا لابن خروف، وكتاب كذا لابن عصفور، وكتاب ابن جنّي، وكتاب ثعلب، وربّما كلَّفه ببحث، أو بحثين في فصل دراسيّ يذهب ربعه في حذف وإضافة، وربعه في تحضير، وتغييب، وتقريع، وتوبيخ، وربعه في اختبارات لا داعي لها، وقد يذهب ربعه الباقي في تأخر الأستاذِ وغيابه بعذر أو بغير عذر، وربما كان عدد الطلبة في قاعة الدّرس سبعين أو ثمانين أو أكثر، ولدى الطالب البائس عشر موادّ أخرى، يروح من أجلها ويجي، ويستجيش ويلتجي، فإذا جاء موعد الاختبار -ويكون غالبًا مصاحبًا لمباراة في كرة القدم عالمية، أو محلية، أو إقليمية- عمد إلى الكتاب المقرر فنزعه من جلده، وانتزع أوراقه التي قيل له: هي المطلوبة في الامتحان، فذهب -إن كان من الجادّين- يعكف عليها يتجرّعها ولا يكاد يسيغها.. وللجواب تتمة.