أقامت الجمعية السعودية للإعلام والاتصال ندوة تناولت (الكاتبة السعودية) ضمن فعاليات منتداها السادس، وهو توجه ايجابي رصين يؤكد التوجه نحو بناء الممارسة التطبيقية للكاتبات على أسس منهجية واضحة وصولا الى رؤية علمية وواقعية لمجريات الحياة الاجتماعية. تناولت في ورقتي مدى تفاعل الكاتبة السعودية مع قضايا مجتمعها، وهو سؤال كبير بحاجة الى دراسة علمية لمعرفة العوامل المؤثرة في تفاعل الكاتبة مع قضايا مجتمعها.. وسبر أغوار هذه القضية وأبعادها.. فهي المحصلة النهائية لعملية الكتابة الصحفية. و»التفاعل» يمثل الكلمة المفتاحية في نجاح أي كاتبة، ويمكن تحديد مفهوم التفاعل بأنه: مواكبة المستجدات المجتمعية من أحداث وظواهر وقضايا، ومعالجتها من خلال الكتابة الصحفية وفقا لأولويات قضايا المجتمع. ومن مقومات الكاتبة التفاعلية، الحرص على «الآنية» حيث تعد من أبرز عناصر قوة الكاتبة، مواكبتها موضوعات الساعة التي تشغل المجتمع وتتفاعل مع قضاياه المستجدة.. فالجمهور بطبيعته يتأثر بالأحداث الأقرب زمنيا في تصاعدها، وتكون حديث المجتمع واهتمامه. فنحن في عصر تتسارع فيه الأحداث وتتوالى فيه المتغيرات والمجتمع بحاجة الى من يواكب تلك المتغيرات في «إبَانها» ويطرح الموضوع الساخن أولا بأول. ويتفاوت قرب الكاتبة وبعدها عن اهتمامات وتفاعل الجمهور بقدر قربها وبعدها زمنيا عن الحدث الذي تعالجه.. بل احيانا يفقد الجمهور الحماس بمتابعة (كاتب ما) لطرحه قضية فات عليها زمن أو أن الحدث انتهى وتمت معالجته على أرض الواقع.. فالمواكبة الآنية؛ بل والمبادرة في طرح قضايا المجتمع تُكسب الكاتبة احترام وثقة القارئ وبالتالي تواصله وتفاعله معها. ثم تأتي «جرأة» الكاتبة وشجاعتها في طرح قضايا المجتمع السلبية ونقدها وتصويبها، وعندما تطرح الكاتبة رأيها في وسيلة جماهيرية فإن ذلك يعني تعرض مصالح جماعات أو أفراد أو مؤسسات إلى نقد أو كشف قصور، وغالباً لا يرغب بعض المسؤولين أن ينشر النقد على الجمهور، لما تسببه (المقالة) من آثار في ظل الهشاشة الإدارية وضعف المبادرة في بعض القطاعات.. وهو بالتالي ما يوفر في كثير من الأحيان فرصة للهجوم (الشخصي) على الكاتبة، يكلفها أحيانا سمعتها ويضغط عليها نفسيا.. لذا؛ فإن بعض الكاتبات يؤثرن السلامة خاصة في مجتمعنا المحافظ، ويبتعدن عن التفاعل مع قضايا تهم المجتمع خوفًا من ردود فعل غير منضبطة من قبل البعض. ويعد عامل «الأهمية» من حيث حجم الجمهور وطبيعة القضية، من أبرز محددات تفاعل المجتمع مع ما تطرحه الكاتبة.. فمتى كان حجم الجمهور كبيرًا كلما كان حجم التفاعل أكبر.. وكلما قل عدد الجمهور ذوو العلاقة المباشرة او غير المباشرة بالقضية قل تفاعل الجمهور. وتمثل طبيعة القضية ودرجة تأثيرها بعدًا آخر في قوة تفاعل الجمهور.. من مؤشرات قوة الكاتبة تمتعها ب «الموضوعية» في التعاطي مع القضية التي تناقشها، وكذلك امتلاكها المصداقية وهو ما يوفر الموثوقية بها بل تعبر عن مدى احترامها للجمهور. وتمثل الموضوعية إحدى أبرز سمات الكاتبة التي تحظى بالتفاعل، فأي (كاتب) يفقد التعاطف أو التفاعل مع طروحاته اذا صُبغت بالتحيز الفج وخلط الرأي الشخصي بالقضية المطروحة، أو خلط الرأي مع الحقيقة.. والأمر نفسه ينطبق مع الكاتبات عندما يتخلين عن الموضوعية ويلجأن إلى التحيزات الشخصية وخلط الموضوعي بالذاتي أو استثمار قضية لمصالح مادية أو شخصية.. وفي هذا السياق يعرف أحد المتخصصين (الجميعة،1433ه) المصداقية بأنها «الاعتماد على الحقائق والمعلومات والوقائع دون العرض الانشائي»؛ وبلا شك فإن اختلاق اخبار وطمس الحقائق يضرب مصداقية أي كاتب في العمق.. وبالتالي فإن تمتع الكاتبة بالكفاءة المهنية من مصداقية وموضوعية يؤسس لتفاعل حقيقي مع المجتمع. [email protected]