أعادت أسراب الجراد التي شهدتها محافظة تربة ومراكزها هذه الأيام بعد هطول أمطار الربيع إلى أذهان كبار السن السنين الماضية التي كان يأتي فيها الجراد بكميات كبيرة وكانوا يركضون خلفه لصيده حاملين ما تقع عليه أيديهم من أكياس فارغة وأوعية وأوانٍ منزلية. ويعتبر مروره بالمنطقة موسمًا لا يتكرر إلا في أيام الربيع الممطرة لذلك يضطر البعض منهم لخلع ثوبه وتحويله إلى كيس لجمع الجراد الذي يتم تجفيفه بطريقة معينة حتى يبقى لمدة ثلاثة شهور على الأقل. المواطن فهاد عساف البقمي تكلم عن الجراد بقوله لقد شاهدت هذه الأيام وصول الكثير من الجراد وبشكل لم تشهده المنطقة منذ عشرات السنين مشيرًا الى أن الجراد يأتي للمنطقة مع أمطار الربيع أما في الصيف فإنه لا يصل الى منطقتنا وأتذكر بأننا في الماضي كنا نتباشر بقدوم الجراد وهو نوعان النوع الاول يميل الى الصفرة ويعرف لدى البادية ب»الزعيري» والنوع الثاني ترابي اللون ويعرف ب»الدمون» وهي بنفس الحجم وكنا عند مشاهدة أسراب الجراد نقوم بالاستعداد لصيده بتحضير الأكياس الفارغة والأواني المنزلية وكل ما يمكن إن نستخدمه لجمع أكبر كمية من الجراد ولأننا لا نستطيع صيده إلا في الظلام أو البرد الشديد فغالبًا ما نقوم بملاحقته في الليل تحت ضوء القمر وفي الليلة المظلمة نبيت بالقرب من مكان الجراد في انتظار بزوغ الفجر هي اللحظات التي ينشل فيها الجراد بسبب البرد ونبدأ بجمعه في الأكياس والأواني بل إن البعض يستغل موجود الجراد ويقوم بربط أكمام ثوبه واستخدامه ككيس ويشارك في ذلك الجميع من رجال ونساء وأطفال والبعض إذا وجد شجرة صغيرة مليئة بالجراد يقوم بقطعها ووضعها في الكيس وبعد الانتهاء من جمع الجراد يعود الجميع إلى بيوتهم حاملين معهم ما غنموه في رحلة الصيد. طريقة الحفظ وأضاف فهاد: بعد عودتنا إلى المنزل نقوم بغسل الجراد وتنظيفه من الرمال وما يعلق فيه من الأكياس ونضعه في قدر كبير مليء بالماء على نار كبيرة حتى يغلي وبعد عشر دقائق من طبخه نضع الملح ونتركه على نار هادئة لمدة نصف ساعة نرفع بعدها الجراد من الماء ونقوم بنشره على الحصير أو السجاد تحت أشعة الشمس حتى يجف ثم نضعه في أكياس للتخزين ويمكن أن تبقى الأسرة تأكل في الكمية لمدة ثلاثة أشهر دون إن تتعرض للتلف ويمكن أن يؤكل الجراد منفردًا أو يتم طحنه وشربه مع الحليب ويؤكل أيضًا مع الرز حسب الرغبة كما يتلذذ البعض بشيّ الجراد المواطن سعد البقمي قال تقطع الجرادة الواحدة مئات الكيلو مترات في اليوم حيث كان البدو يتناقلون اخبار الجراد يفرحون بقدومه ويستعدون لصيده واستغلال موسمه بجمع اكبر قدر منه لتخزينه كغذاء يجتمع الناس في المساء بالقرب من كان تجمعه يقضون ليلهم في السمر وتبادل الحكايات ويعتبر صيده هواية يمارسونها كباقي الهويات اما اليوم فان وصول الجراد الى منطقتنا أصبح نادرًا جدًا لعدة عوامل اهمها هي مكافحة الجراد في الدول الافريقية التي يأتي منها ورش اسرابه بالمبيدات الحشرية التي قللت من إعداده كما ان الجراد يأتي مع أمطار الربيع التي لم تشهدها المنطقة منذ عشرات السنين أما أمطار الصيف فلا ياتي معها جراد لاشتداد حرارة الجو. مضيفًا أنه حتى ومع وصول الجراد بكميات كبيرة فقد أعرض الناس عن صيده تخوفًا من تأثره بالمبيدات الحشرية السامة التي يتعرض لها أثناء مروره بالحقول.