هم فئة جديدة من المؤلفين يعتمدون في تأليفهم لكتبهم على الشبكة العنكبوتية (100%)، من خلال جمع المواضيع، والمعلومات، والدراسات، وكل ما يتعلق بمواد كتبهم، مع ذكر مصادرها من مواقع ومنتديات وصحف أو غيرها مما هو متاح على الشبكة. وهذا الأمر نؤكد في بدايته على أنه ليس حراما، بل هو جهد لا يمكن إنكاره، وعمل لا نستطيع جحده؛ بل نطلع عليه، ونستفيد منه. الآن .. نستطيع أن نخرج عبارة النقد السحرية المعروفة وهي (ولكن). ازداد طفح الكتب التي خرجت من رحم الشبكة، لدرجة بلغت لحد أنك تستطيع تأليف عشرة كتب في شهر، من خلال هذه الطريقة؟!! المسألة تعتمد في جوهرها على القص واللصق ولكن بحرفية، ودقة، في الاختيار والانتقاء. السبب يرجع إلى دور النشر؛ لأن موقفها من هذه الكتب كان موقف الداعم والمؤيد بل المنفق على شرائها من مؤلفيها بمبالغ زهيده تعطى للمؤلف، ليتم بعد ذلك صبغها بالألوان، وتدبيجها بالصور، فتلفت أنظار القراء فتلقى استحسانهم ورضاهم، فتنفد الطبعات تلو الطبعات من كتاب زاده قليل، وربح مؤلفه زهيد. المتضرر الرئيسي من هذا الأمر؛ هو الكتاب المؤصل، والكتاب العلمي، والكتاب الموثق بالأدلة والبراهين والاحصائيات. فتجد المؤلف الحقيقي الذي يعتمد في كتابه بنسبة كبيرة على جهده وفكره لا يجد في نهاية تأليفه من يقبل طباعة كتابه ولو طبعة واحدة، وربما انتظر سنين وسنين دون جدوى، ومنهم من مات وكتبه درر ولم يجد من يطبعها. ربما تحتج دور النشر بأن الاقبال على كتب مؤلفي الشبكة كبير ومربح، بعكس الكتب المؤصلة فالإقبال عليها شحيح ويرهق دور النشر مالياً. وهذا الكلام صحيح 100% ولكن إذا عرف السبب بطل العجب. سبب إقبال الناس على كتب مؤلفي الشبكة هو أولاً، ذاك الإخراج المبهر لها من قبل مصممي الكتب وبالألوان، وكذلك صغر حجمها، وأيضًا اعتماد موضوعاتها على عناصر الجذب من غرائب وعجائب وقصص وطرائف ونوادر وما شابه ذلك. بعكس الكتب المؤصلة؛ فهي في الغالب تعتمد على مخاطبة العقل بالفكرة والمنطق، وعلى القلب بالحكمة والموعظة. فما هو الأبقى والأنفع بنظركم؛ من يخاطب العقل والقلب بالفكر والموعظة، أم من يخاطب العيون بالألوان المبهرة، والنفوس بالطرائف المضحكة؟!! هذا مطلوب وذاك؛ ولكن أن يطفح كيل الأول على الآخر فهذا سينتج لنا ثقافة عقيمة لا تلد مثقفًا حقيقيًا. فإذا أردنا أن نخرج جيلا مثقفاً يعتمد عليه في المستقبل؛ فلنربِّه على الكتب المؤصلة، والموثقة، والمتكئة على ركن شديد لا على شبكة أوهن البيوت. لا أنكر بأن فرحة مؤلفي الشبكة بظهور انتاجهم بشكل سريع، وبإخراج فريد، له أثر في النفس، وشهرة بين الناس؛ لكن يا حبذا لو كانت الفرحة على شيء أكبر نفعاً من هذا. وهنا نضع لوماً وعتاباً على دور النشر جلها وليس كلها؛ فهناك دور نشر حصلت على دعم بالملايين، ومنها من رست عليها مناقصات ومناقصات وللأسف .. واصلت مشوار نشرها للكتب الأكثر انتشاراً وليس الأكثر انتفاعاً. مهما كان كتابك .. معتمد .. مقدم له .. موصى بطباعته .. جامع في بابه .. ماتع في أسلوبه .. كل هذا لا يضمن قبول طباعته ونشره على حساب الدار ما دام أن جدواه التسويقية منخفضة!! لا أدعو دور النشر إلى الخسارة أو قلة الربح؛ بل تخصيص جزء من ميزانيتها كدعم لمثل هذه الكتب الذي تستحق النشر أكثر من غيرها بعشرات المرات. في الختام؛ أرجوا أن لا يفهم من مقالي التقليل من شأن مؤلفي الشبكة أو كتبهم، بقدر ما هو تسليط للضوء على قضية ثقافية مهمة، وجديرة بالطرح. عبدالعزيز جايز الفقيري - تبوك