سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أوقفوا هذه المزايدات لماذا استشرت ظاهرة المتاجرة بالديّات، والمزايدة على الدماء، وأصبحت المبالغ المطلوبة تضرب عنان السماء، هل الإعتاق إن كان صدقا ًلوجه الله يصل لهذه المزايدات
«27 مليون ريال لإعتاق رقبة سجين بالطائف» صحف الخميس 29 محرم 1434ه، استوقفني هذا الخبر كما استوقف الكثيرين واتصل بي بعض القراء الكرام للتعليق على هذا الموضوع، قلت سبحان الله قرأنا وسمعنا أخبارًا كثيرة شبيهة بهذا الخبر عن حراكٍ وتدافعٍ لجمع مبالغ فلكية ومطالبات خيالية ومزايدات جاهلية تصل لحد التعجيز لمطالبات أهل الدم لإعتاق رقاب المحكوم عليهم، والأدهى أن هناك حملات شعبية إعلامية لعتق الرقاب ودعوات اجتماعية لجمع هذه التبرعات من هنا وهناك واستدرار عطف العامة وتجييش العواطف وتليين القلوب لجمع هذه المبالغ الخيالية، انقذوا فلان واعتقوا رقبة فلان، قلت ثانية في نفسي: سبحان الله لماذا استشرت هذه الظاهرة للمتاجرة بالديّات، والمزايدة على الدماء وأصبحت المبالغ المطلوبة تضرب عنان السماء، هل الإعتاق إن كان حقًا وصدقًا لوجه الله يصل لهذه المزايدات، والأكثر إيلامًا لماذا تعاطف المجتمع مع هكذا مزايدات وأصبحت بعض الوجوه المجتمعية المؤثرة تتجاوب مع ذلك بل وتدعو هذا وذاك علنًا وجهارًا نهارًا للتبرع وإعداد مواقع على شبكات التواصل الاجتماعي تويتر، فيس بوك وغيرها لتجميع هذه المبالغ التي كان يمكن أن تنفق على الكثير من أوجه الخير العامة أو مشروعات التنمية أو إطلاق سراح المعسرين الذين تثبت حاجتهم، آمل ألا يكون وراء ذلك سماسرة مستفيدون، أو مزايدون جشعون، كما أرجو أن لا يكون خلف تلك الظاهرة عصبية مقيتة أو تمييز مرفوض، كما أتمنى على أهل الحل والعقد وعلمائنا الأجلاء أن يتدخلوا لمحاربتها، صحيح أننا مع الصفح والعفو وذلك من شيم الكرام وخصلة حميدة حث عليها ديننا الحنيف، ولكن ما يحصل تحت أنظارنا يخرج من نطاق العفو والصفح والإعتاق؛ إلى حملات وتبرعات وإحراجات تؤدي إلى مزايدة بالدماء ومتاجرة بالرقاب بطريقة ما أنزل الله بها من سلطان. هلّا عدنا وبعقلانية بعيدًا عن العاطفة والخصوصية وراجعنا مليًّا تنامي هذه الظاهرة، فالعودة إلى الحق فضيلة، وآمل أن تذهب هذه الظاهرة إلى غير رجعة لما فيها من مبالغة في الأرقام المطلوبة والمشروطة، حتى ليشك أي متابع لهذه الأحداث أنها متاجرة بالرقاب تحول من سعي للخير وعتق رقبة لوجه الله إلى مفاخرة بالبذل والعطاء يؤدي إلى انقسامات وتحزبات. ومن أعماق قلبي آمل أن تمتد عدوى هذا الالتفاف والتكاتف وتضافر الجهود إلى أعمال تطوعية وخدمات اجتماعية وأعمال بر وأنشطة إحسان يعم نفعها المجتمع ويستفيد منها أكبر عدد ممكن من أبناء مجتمعنا المترابط المتكاتف، كالقرض الحسن وفك أسر المعسرين وسداد إيجارات عن المعوزين ولمْ شمل الأسر التي تشتت بسبب الديون ودعم مراكز غسيل الكلى، كل ذلك على سليل المثال لا الحصر، وفي ذلك أجر عظيم ومردود اجتماعي وإنساني أوسع مدى وأعظم فائدة بإذن الله تعالى. [email protected]