سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
محاكمة النخبة المزورة في مشهدنا الثقافي تجرأ الكثير من الضعاف نفوسهم، على التلقب زورًا بدرجة الدكتوراة العلمية، متصورين أن المسألة مقصورة على طباعة كرت تعريف مسبوق بحرف الدال
في مقاله «مشايخ ودكاترة نصابون»، أطلق الكاتب جاسر الجاسر من ردهات الزميلة الشرق، صرخة يحذر فيها من تزايد مساحة «قبيلة الدكاترة الوهميين»، التي يُسوِّغ وجودها تلاشي منظومة القيم الإيجابية، ويُؤسس تناميها انتهاء ما هو مقدس أو محترم فينا. مطالبًا بأن يتم اتخاذ عدد من الإجراءات الجزائية مجتمعيا وثقافيا للحد من تنامي هذه الظاهرة، حماية لمجتمعنا من أن يتحول إلى ساحة لكل المشوهة نفوسهم، الضعيفة عقولهم. وواقع الحال فليست دعوته جديدة على سطح خطابنا الثقافي، حيث شاركه ويشاركه وسيشاركه العديد من كتاب وطننا الصادقين، ومن أولئك الشريف عبدالله فراج والدكتور عبدالرحمن العرابي اللذين بح قلمهما وهما يحذران من تنامي هذه الظاهرة، ودون أن يتغير شيء، أو يتبلور مشروع مضاد على الصعيد الرسمي أو الأهلي لمواجهة تلك الحالة من التزوير والنصب والخداع، وكلها توجب العقاب الديني والدنيوي. لقد كان من أسباب ذلك التراخي أن تجرأ الكثير من الضعاف نفوسهم، السطحية أذهانهم، على التلقب زورا وبهتانا بدرجة الدكتوراه العلمية، متصورين أن المسألة مقصورة على طباعة كرت تعريف مسبوق بحرف الدال، وتمادوا في ذلك حين أدركوا بالتجربة ألا أحد يحاسب أو يسأل أو يستفسر، بل إن البعض منهم قد امتلك تلابيب الجرأة، ليُبادرك بالهجوم اللفظي الحاد، إذا أنت أغفلت ونسيت أو تناسيت أن تناديه بلقبه العلمي الجديد، الذي تلبَّسه فجأة ودون سابق إنذار، وحمله على كاهله دون تمهيد معرفي، بل حتى دون تدرج علمي، إذ الكثير منهم لا يملكون درجة الماجستير العلمية وفق منهجها الصائب. وليت الأمر قد اقتصر على أولئك من المُدلسين ظاهرا وباطنا، بل نراه قد امتد ببهتانه ليُدنس ثوب عدد من الواعية عقولهم، العارفة أبصارهم، المُتقدة أذهانهم، لينزلقوا في لحظة غيبوبة في هذا المنزلق، ويتشدقوا بحرف الدال، وهم أكبر وأعظم من ذلك، وتلك خطيئة أسأل الله أن يَقيهم شرها، ويُزيل الغشاوة عن أعينهم إزائها، فيتبرؤوا منها، لتعود النصاعة إلى ثيابهم، ولا تشوب أبدانهم أيَّ شائبة شيطانية خبيثة. بقي أن أشير إلى أن خطورة الأمر لا تقتصر على التسويغ والتبرير لفعل الخطيئة من تزوير ونصب واحتيال وحسب، بل تعداه ليلحق بالمجتمع ضررًا بالغًا، فحين تتدمر قيمه، وحين يتبوأ أولئك درجات ليست لهم، ويتوسدون مناصب دون وجه حق، نكون قد ألحقنا الضرر البالغ بالكل، وتلك هي أم المصائب، مما يستوجب الدعوة إلى تبني محاكمة كل أولئك علنا، والمبادرة إلى عزلهم من مختلف مناصبهم الثقافية على أقل تقدير، احتراما وتقديرا لمصداقية جسدنا الثقافي أولا، وحماية وحفظا لأسس نهضتنا الوطنية، وتصحيحا لنهجنا العلمي الأصيل، فهل إلى ذلك سبيل؟! [email protected]