اقترح المشاركون في مؤتمر (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمستجدات المعاصرة)، إنشاء هيئة تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل دول العالم الإسلامي حتى تستفيد دول العالم من تفعيل هذه الشعيرة في مجتمعاتها؛ كما تستفيد من تجربة المملكة العربية السعودية في هذا المجال. ودعا المشاركون في ختام المؤتمر الذي نظمه كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الإسلامية بالتعاون والشراكة مع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى عقد شراكات إعلامية بين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووسائل الإعلام المختلفة، يتم من خلالها تخصيص صفحاتٍ، أو أركانٍ، أو أعمدةٍ في الصحف، وتخصيص برامج في الإذاعة والتلفاز، لموضوع الحسبة لبيان أحكامها وآثارها وأخبارها وكلُّ ما من شأنه توطيد العلاقة بينها وبين المجتمع وتعزيز ثقافةِ الحسبة فيه. وقد أصدر المؤتمر الذي اختتم أمسِ بمشاركة 28 باحثًا وباحثةً من داخل المملكة وخارجها، واستمرّ ليومين، توصيات من أهمها: ضرورة إبراز سمات تميز المملكة العربية السعودية في تطبيق شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من خلال وسائل الإعلام المختلفة، بصفتها أنموذجًا يُحتذى أمام المجتمعات الإسلامية الأخرى لكلِّ دولةٍ يراد لها أن تكون قويةً، وتحافظ على دعائم بقائها وسرّ تمكنها وعزِّها. وضرورة التأكيد على دور المدارس والمساجد في توجيههم إلى كلِّ ما ينفعهم وينفع مجتمعهم؛ كتحري الأصدقاء والبرامج وصفحات «الانترنت» بحيث لا تقتصر مدارسنا على دور التعليم، وتكون مساجدنا دُورًا للعبادة فحسب. وأكّد المؤتمرُ على الدعاة والموجهين والمربين والإعلاميِّين ضرورة تعميق وعْي أفراد المجتمع بحاجتهم الدائمة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنهم بحاجة دائمة إلى نعمة الأمن والاستقرار، وبأن هذه النعمة ستستمر فيهم ما قام الآمرون بالمعروف بواجبهم بينهم، وتعاون الجميع معهم لأداء هذا الواجب. كما أوصى المؤتمرُ طلاب الدراسات العليا، في الجامعات، بكتابة رسائل علمية في جهود ملوك وأئمة المملكة في مراحل الدولة الثلاث، في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودراسةِ مواقفهم وثباتهم عليها. وأكد الباحثون أهميّة أن تقوم الجامعات بعقْدِ الندوات والدورات وورش العمل، التي تبحثُ في تدريب كوادرَ ذاتِ قدراتٍ خاصةٍ؛ لتطوير آلياتها في العمل في خدمة هذه الشعيرة. مطالبة بالموازنة وشهدت الجلسات في اليوم الأخير من المؤتمر مداخلات دعا في إحداها الدكتور فؤاد البعداني من الجامعة الإسلامية إلى التوازن بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قائلًا إن الملاحظ على المحتسبين تغليب إنكار المنكر على الأمر بالمعروف، مؤكدًا أنه تتبع في كتاب له عن التوازن الآيات والأحاديث الدالّة على مشروعية الأمر بالمعروف فوجدها مساوية لتلك الدالة على مشروعية النهي عن المنكر، حيث لم يرد الأمر بالمعروف منفصلًا عن النهي عن المنكر، داعيًا إلى إعطاء كل من الجانبين نسبة 50%. وذكر رئيس الجلسة معالي الدكتور عبدالله بن صالح العبيد وزير التربية والتعليم سابقًا ورئيس الجامعة الأسبق أنه لا أحد يُعذر بإنكار المنكر حتى ولو بقلبه، مستشهدًا بحادثة وقعت في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله، حين اجتمع بمجموعة من طلاب العلم من أول دفعة تخرجت في الجامعة الإسلامية قبل 45 سنة، حيث أعربوا للملك فيصل عن حاجتهم إلى القوة لإنكار المنكر، فقال الملك: القوة لنا -يعني التغيير باليد- واللسان لكم، والبقية -أي التغيير بالقلب- لمن ليس عنده ما عندنا ولا ما عندكم. فيما انتقد أحد الضيوف اقتصار أبحاث المؤتمر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في صفته الرسمية فقط وهي الهيئة، مركزًا على أن الاحتساب عام في كل ولاية ومصلحة في الدولة، كما أنه مما يؤمر به كل مسلم ولا يقتصر على الجهات الرسمية فقط. لا بدّ من إشراك المرأة دعت الدكتورة صالحة بنت دخيل الحليس أستاذة أصول الفقه المشارك بكلية الشريعة بجامعة أم القرى والدكتورة سناء الثقفي الأستاذ المساعد بجامعة الملك عبدالعزيز إلى إنشاء فرع نسوي للهيئة لإشراك المرأة بصفة رسمية وفق الضوابط الشرعية واللوائح النظامية. وعدت الباحثة في ورقة عمل قدمتها عن «التحديات المستقبلية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكيفية التغلب عليها» غياب العنصر النسوي عن عمل الحسبة تحدّيًا يواجه القائمين عليها، كما أكدت الباحثة أن التأخر في الإفادة من العنصر النسوي فيما مضى ربّما أخل بهذه الشعيرة، فالمرأة شريك أساسي وقد تكون الحاجة إلى هذا العنصر أشد من الحاجة للرجال في بعض المواقف خاصة في المجتمع النسائي، حيث كثير من النساء يمارسن الاحتساب تطوعًا، ولكن جهدهنّ يبقى دون المطلوب لعدم الانضباط والتنظيم. تصحيح صورة المرأة قدّم الباحث عبدالرحمن أبو المجد الوكيل الثقافي بمعهد الدكتور جاد يوسف بحثًا حول «دور الحسبة في تصحيح صورة المرأة السعودية في الرواية الإنجليزية» جدلًا حول صورة المرأة السعودية في الرواية التي تعد ديوان الأدب الإنجليزي. وقال إن علينا بالنظر أولًا في التجارب الإسلامية التي حدثت بعفوية في الغرب، لعلنا نستفيد منها، ونأخذ منها العبر، حتى لا نكرر الأخطاء، ونستفيد من الإيجابيات من التجارب السابقة، لكي لا نكرر في الحسبة ما حدث في برنامج التعريف برسول الله صلى الله عليه وسلم في الغرب، وأوصى بإنشاء مرصد يتابع الروايات المسيئة التي قال إنها أصبحت تشكل ظاهرة عالمية.