أكد معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ أن الهيئة ماضية في عملها وفق الضوابط الشرعية حيث تنكر المنكر بلا منكر، وتأمر بالمعروف بمعروف، وتسعى لضبط عملها الميداني بالأنظمة واللوائح بعيدًا عن التجسس وتتبع العورات، كما سنحاسب المقصرين ونقوّم اعوجاجهم. جاء ذلك خلال افتتاح آل الشيخ لمؤتمر «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمستجدات المعاصرة» الذي ينظمه كرسيّ الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الإسلامية صباح أمس السبت. وقال آل الشيخ إنه يشرُف بتوجيهه من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز برعاية هذا المؤتمر، مشيدًا بدعمه - أيده الله - الماديّ والمعنوي الذي كان له الأثر الكبير على ما تحققه الرئاسة من نجاحات وما استطاعت تجاوزه من عقبات، داعيًا الله تعالى أن يُلبسه ثوب الصحة والعافية. وأبان آل الشيخ أن الدولة سخرت إمكانات كبيرة لهذه الشعيرة لكن مما يحزن له كل غيور على هذه الشعيرة أن يأتي بعض أهل البدع ويفسروها بغير تفسيرها فيروا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الخروج على ولاة الأمر والسير في مظاهرات واعتصامات وغير ذلك من مظاهر الفوضى وإثارة الفتن، كما أن المحزن أيضًا أن نجد من يتهم هذه الدولة الراشدة بالتخاذل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دونما حُجة أو برهان. وأضاف: «أبشركم أننا ماضون في الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على منهج النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج صحابته الكرام والسلف الصالح، نأمر بالمعروف بمعروف، وننهى عن المنكر بلا منكر، وندعو إلى الخير باللين أخذًا بوصية الله تعالى لرسوله نُحبب الناس في الخير وندعوهم إليه ونيسّر لهم طريقه وسبيله، وننهى عن المنكر بلا منكر يقود إلى ما هو أكبر»، مؤكدًا أن الوقوف في وجه المنكر وأهله بحزم وعزمٍ مطلبٌ شرعيّ وواجب ديني ونظامي على منسوبي الهيئة ولكن بطرقه وأساليبه وأنظمته وقواعده الشرعية التي تحكمه دون جور ولا تعدٍّ ولا ظلم ولا افتراء. وأكد آل الشيخ حرصه على حُسن اختيار من ينتسب إلى جهاز الهيئة بأن يكون قدوة في قوله وعمله، مؤهلًا تأهيلًا شرعيًّا ومدرّبًا تدريبًا مناسبًا على آليات العمل وأساليبه، ليكون رسول خير للمجتمع لا عصا غليظة يُرهب بها الناس، لأن الله تعالى اختصنا في هذه الرئاسة وانتدبنا للقيام بواجب عدّه بعض العلماء الركن السادس من أركان الإسلام. وشدّد على رؤيته بأن الالتزام بالعمل المؤسسي الجاد أن يكون وفق تخطيط سليم ممنهج معتمد ليس مرتجلًا، مضيفًا: كانت الخطة الاستراتيجية التي اعتمدناها لعشر سنوات قادمة منطلقة من هذا الأساس، ومن خلالها نتعلم من أخطاء الماضي ونصحح الواقع ونستشرف المستقبل بأساليب متطورة متجددة تحقق الغاية والهدف، وبما أننا لسنا وحدنا في المجتمع فإن رؤيتي هي أن يكون بيننا وبين جميع أطياف المجتمع علاقة شراكة وتفاعل إيجابي نتواصى فيها على الخير ونسعى لتحقيقه، ومن هنا فقد سعينا لعقد شراكات وتفاهمات مع مؤسسات المجتمع وأطيافه المختلفة كالجامعات وجهات حقوق الإنسان وجهات الضبط المختلفة والجهات القضائية وجميع القطاعات الحكومية والأهلية ذات الصلة بعمل الهيئة، تم من خلالها مدّ جسور التواصل والتعاون فيما يحقق المصلحة للمجتمع ويختزل الكثير من التعارضات أو التقاطعات التي قد تحدث. وفي مجال التدريب قال آل الشيخ: جعلنا التدريب وإعادة التدريب منهجًا نطمح من خلاله إلى إعداد قدرات العاملين وتطويرها في الميدان وفق الأسس والأساليب السليمة، ووفق الأنظمة والتعليمات بما يحقق الأهداف والغايات التي من أجلها أوجد هذا الجهاز، حيث بلغت المذكرات الموقعة في هذا المجال سبع عشرة مذكرة مع الجامعات، وخمس مع جهات حكومية بالإضافة إلى خمسة كراسٍ علمية تمولها الرئاسة، كما شُكلت لجانٌ في مجال الإعلام الجديد. واستعرض آل الشيخ إنجازات الرئاسة في الفترة الوجيزة الماضية مشيرًا إلى أن من أهمها: تفعيل منظومة العمل بشقيه الإداري والميداني والوقائي والعلاجي لتكون وفق المعايير المهنية التي تحكم اختصاصنا، فقمنا بعملية التدوير الإداري بين القيادات وتابعنا الأداء في الميادين العامة عن طريق الإدارات الرقابية لدينا، حتى وصل لمستوى مُرضٍ، وأمّنا جميع ضمانات السلامة والنجاح لأدائنا من خلال الجولات الرقابية للمختصين، والمتابعة اللحظية من إدارات المناوبة الليلة ووحدات العمليات والمساندة التي حققت مستوى عاليًا من جودة الأداء وكفاءته وكنا في الوقت ذاته نتيح المجال لكل مشتكٍ أو متظلم أن يقابل جميع المسؤولين بدءًا بالرئيس، ونتفاعل ونبحث ونعالج ونحاسب حتى تقلصت الشكاوى تمامًا وأصبح العمل سلسًا يكاد يخلو من الاحتكاكات في الميادين العامة سوى حالاتٍ فردية قد توجد مع تداعيات العمل مع الجمهور. وأضاف أن الرئاسة كثفت دورات التدريب لجميع الأعضاء الميدانيين، وهي دورات شرعية في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأساليبه، وكلام العلماء فيه وسيرة السلف الصالح، ودورات انضباطية نظامية لمعرفة النظم والتعليمات التي تضبط العمل وتقضي على التجاوزات ودورات في مهارات التعامل والتواصل مع أطياف المجتمع، تطمح الهيئة من خلالها إلى إيجاد بيئة مناسبة للعمل يبدع فيه العاملون لتحقق الأهداف الموكلة إليهم. وزاد آل الشيخ أن مما حققته الرئاسة الوضوح والشفافية في كل ما يحدث من أمور قائلًا: ليس لدينا ما نخفيه إن أخطأنا، والأنظمة تقوم المِعوج وتعيده إلى جادة الصواب، ولسنا ملائكة ولكننا بشر نخطئ ونصيب، وفي الوقت نفسه لا نُصرّ على الخطأ، بل نعترف به ونغيره ونصححه، ونطور من عملنا ونجدده ونسعى للإبداع فيه. وأوضح أن الرئاسة ضبطت العمل الميداني وفق النظم واللوائح المنظمة لذلك ووفق القواعد الشرعية بعيدًا عن التهور والتجسس وتتبع العورات، كما منعت التجاوزات مطلقًا، وسعت للمحاسبة عليها وتفعيل الجهات الرقابية بالرئاسية تفعيلًا يكفل انسيابية العمل وتحقيقه لغاياته سواء منها المراجعة الداخلية أو القانونية أو المتابعة. وقال إن هناك سبع عشرة مذكرة موقعة في هذا المجال مع الجامعات، وخمس مع جهات حكومية بالإضافة إلى خمسة كراسٍ علمية تمولها الرئاسة، كما شُكلت لجانٌ في مجال الإعلام الجديد. وأوضح أن من إنجازات الرئاسة تجسير العلاقة بينها وبين أطياف المجتمع المختلفة، من خلال التواصل والتشاور وتقوية العلاقات بجهات التواصل الإعلامي والاجتماعي لإطلاعهم على ما يجري وحقيقته وكسر الحواجز الموجودة بين عضو الهيئة وأفراد المجتمع. وبيّن آل الشيخ أن الرئاسة كثفت محاربة الظواهر الخطيرة في المجمتع كالسحر والشعوذة، والإرهاب والعنف، والابتزاز الذي انتشر في الآونة الأخيرة وطال شره وضرره كثيرًا من الناس، وكذلك الجرائم المعلوماتية والإليكترونية من خلال ما ينشر في الشبكة العنكبوتية من مواد إباحية أو مخالفات عقدية، ومنها الخمور والمخدرات التي بدأت مع الأسف الشديد تأخذ مظاهر متعددة يتزعمها بعض الوافدين الذين دخلوا البلاد بطرق غير شرعية. وشدد على عناية الرئاسة برعاية حقوق الإنسان التي كفلها الإسلام أولًا ثم النظام الأساسي للحكم والأنظمة والتعليمات التي سنتها الدولة، وذلك من خلال تجسير العلاقة مع الجهات المعنية بحقوق الإنسان، وإيجاد وحدة خاصة بهذا المجال مرتبطة بالإدارة القانونية تقوم على التأكد من إجراءات الرئاسة ودراسة جميع المظالم التي ترد إليها من أفراد المجتمع التي يدعون فيها تعديًا على حقوقهم من قبل الهيئة أيًّا كان هذا التعدي، حيث تقوم الرئاسة بإعادة الحق لصاحبه أيًّا كان. كما أكد أن الرئاسة ركزت على المضمون والجودة النوعية أكثر من الشكليات وذلك من خلال اعتماد الجودة النوعية أساسًا لعملها وحوكمة جميع أعمالها إلكترونيًا مما جعلها تحقق مراكز متقدمة بين القطاعات الحكومية الأخرى، كما فعّلت العمل المؤسسي وسعت لتطبيق أدوات الإدارة الحديثة وأساليبها. ولخص آل الشيخ النهج الذي جعلته الرئاسة رؤيتها في التقيد بالضوابط الشرعية وتطبيق الاحتساب دون إفراط أو تفريط والسعي لتحقيق تطلعات القيادة ومصلحة المجتمع بشكل إيجابي، بنّاء ليس فيه أذى لأحد، قائلًا: نقول للمحسن أحسنت، وللمسيء أسأت، ونقوّمه ونحرص على سلامة الجهاز وتحقيق غاياته. وفي كلمة لسماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ألقاها نيابة عنه معالي الشيخ الدكتور قيس المبارك عضو هيئة كبار العلماء قال: إن الله شرف الأمة المحمدية بخصيصة عظيمة وهي شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها علامة على فضل هذه الأمة على سائر الأمم، وقد أمر الله تعالى المسلمين بأن يقوم طائفة منهم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فهذه الشعيرة هي سبب النجاة وحفظ المجتمع من الانحراف نحو الفساد والهلاك. وكان من أولى اهتمامات هذه الدولة المباركة إحياء شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأقامت لها هيئة خاصة، وكان العمل الميداني بحاجة إلى دراسة مؤصلة ودراسة للمستجدات والنوازل الجديدة والمشكلات والعقبات التي تعترض طريق الدعوة والدعاة والإسهام في إيجاد حلول علمية وعملية لها. من جهته قال معالي مدير الجامعة الإسلامية الأستاذ الدكتور محمد بن علي العقلا في كلمته في حفل الافتتاح: أن بهذه الشعيرة، تُحرس الفضيلة، وتُصانُ العِفَّة، ويظهر حُب المؤمن لأخيه، بالنصح الصادق، والتوجيه بالحكمة والموعظة الحسنة، فهي المِظلّة التي تُرخي السِّتر على المجتمع، وتنشُر دفء عطفِ بعضه على بعض، وهي الشعيرة التي ما كانت في مجتمع إلا أنقذه الله، ولا فُقدت من أمة إلا لم تأمن عقابه والحفاظ عليها ظلّ محلَّ رعاية وعناية من قيادة هذه البلاد، وقال أستاذ كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأستاذ الدكتور غازي بن غزاي المطيري إ إن المؤتمر يعتمد على ثلاث محاور يبحث الأول منها تميز المملكة العربية السعودية في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كافة المجالات النظرية والتطبيقية ومواكبتها للعصر، وقصد منه عرض التجربة السعودية الحضارية والثقافية والدعوية في تطور ولاية الحسبة ودعمها والعناية بها ومدى الاستفادة منها في حل مشكلات البشرية المعاصرة، حيث كان للهيئة دور رائد ولا يزال في خفض مستوى الجريمة في المجتمع السعودي، أما المحور الثاني فيبحث علاقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمستجدات المعاصرة واستعراض العلاقة الطردية بين تلك المعطيات المعاصرة، وبيان الرؤية العلمية المحايدة في ذلك، وفي المحور الثالث يركز المؤتمر على استشراف مستقبل الحسبة في كافة المجالات النظرية والتطبيقية ومواكبتها لمستجدات العصر، وإبراز التحديات المستقبلية التي تواجه هذه الفريضة، وكيفية التغلب عليها.