ينادي كثيرون بأن تأخذ المرأة السعودية فرصتها في العمل؛ لتشارك في تنمية الوطن، ولتجد مصدر كسبٍ كريمًا يوفر لها ولأسرتها نوعًا من العيش الكريم. وهذا -لا شك- مطلب معتبر ومشروع، وينبغي أن نتجاوز مرحلة التنظير له وفي أهميته ومشروعيته؛ فقد كثر الحديث فيه وطال؛ بل بات واقعًا في جهات كثيرة! وكان للنظام أو الأنظمة أو للقرارات السامية دورٌ وأثرٌ واضحٌ في دفع هذا الاتجاه، وتنظيمه، وتكييفه بما ينسجم مع مبادئ النظام العامة في البلاد، والتي ترتكز على النظر الشرعي ابتداءً، والمصلحة العامة انتهاءً، والتي يفترض فيهما عدم التعارض بطبيعة الحال. ولا إشكال في ذلك كله؛ فولي الأمر والقيادة -وفقها الله- تعي تمامًا حق المرأة في العمل والتعليم، وتعي كذلك وجوب الحفاظ على مبادئ النظام الذي يأخذ مشروعيته من أحكام الشريعة! ولكنَّ الإشكالَ والذي يُدْخِل المُشِّرعَ -بمعنى مُصدر النظام- والنظام نفسه في إشكال؛ ويوقع المجتمع في لبس يؤدّي إلى مصادمة هذا النظام، ونقدهِ بل والحملة عليه! الإشكال: في بعض الجهات التي يُوكلُ لها تنفيذ ومتابعة تطبيق هذا القرار أو التنظيم، من جهة مدى جدّيتها وسلامة نيتها ومصداقيتها في تنفيذ هذا النظام بصورتهِ الكاملة أعني بشروطه ومحترزاته وقيوده! ومثال ذلك: ما شاهدتُه -كما شاهدهُ غيري- من تصريح معالي رئيس الهيئات في برنامج الثامنة، وهو كلام قوي وواضح، وفيه الكثير من الأمور التي لا يسوغ، بل لا يجوز السكوت عنها أو تجاوزها! وهو يحكي نموذجًا سلبيًّا لتطبيق قرار أو أمر سامٍ كريم يتعلّق بعمل المرأة في محلات بيع مستلزمات النساء الخاصة؛ الذي جاء تطبيقه بصورةٍ غير مقبولة، وكما قال معالي الرئيس: لا تُرضي الله، ولا رسوله، ولا ولي الأمر (مُصدِر النظام)! حيث إن الأمر السامي يقضي بتوفير بيئة عمل صالحة مضبوطة بضوابط الشرع والنظام، بحيث يكون مكان العمل خالصًا للنساء فقط! ومع ذلك فإن وزراة العمل لم تلتزم بهذا الأمر، بل ظهرت بصورة المُعاند! حيث إن اجتماعًا ضم رئيس الهيئات ومعالي وزير العمل لضمان تطبيق القرار بصورة تحفظ كرامة المرأة، وتبعد عنها الأذى، وقد مضى أكثر من ستة أشهر ولم تقم وزارة العمل بدورها المأمول! لقد ذكر معالي الرئيس وبكلِّ جرأةٍ وصدق؛ صورًا من أنواع الأذى والشرور والابتزاز التي تتعرض لها بناتنا وأخواتنا في سبيل لقمة العيش؛ بسبب عملهن في محلات مليئة بالشباب الوافدين والمواطنين، وفي محلات لبيع ملابس النساء الداخلية! فماذا ننتظر؟! إن مثل هذه النماذج السلبية لتطبيق بعض القرارات تعيق عمل المرأة، وتوقع المجتمع في جدل فكري نحن في غنى عنه! والسؤال: لماذا تصر وزارة العمل على السباحة ضد التيار؟! فإن أخلاق وقيم المجتمع ليستا مجالاً للتهاون أو التفريط؟! [email protected]