حفيف ورق شجر الزيتون يثير خوفي الكامن ، فالحقل الذي نمتلكه أصبحنا أجراء فيه ؛بعد اعتقال أخي والتنكيل بأبي ، أصبح الهوان يطاردنا ، وأشباحٌ أراها ليل نهار في منامي تلاحقني ؛تريد اجتزاز رأسي فأراه يتدحرج بين السهول فأقوم مفزوعة ، فتضع أمي يدها على صدري وتنفث ببضع آيات لا أسمع سوى همسها في ظلام الليل وسواد الظُلم . نقتسم رغيفاً ،ونسكُن مخيماً، ونتجرع الموت غصصاً في غارات يشنها العدو بطائراته وبوارجه ودباباته المُصفحة . بقينا في وطننا بلا وطن ، نحتسي الذل والمهانة من أحفاد القردة والخنازير ، دنسوا مساجدنا ،وثكلوا نساءنا ، وأسروا شبابنا ، وكان القهر من نصيب رجالنا ! دوي انفجار آخر يضج به المكان ، كنتُ بعيدة حينها عن المكان ، ركضت مسرعة نحو أمي فوجدتها جثة بين الركام . عشنا سنوات الحصار بل العذاب بعد أن حل الدمار ، تزوجت وأنجبت صلاح الدين وعمار ،وفي إحدى ليالي الشتاء القارسة وبينما كنا نياماً إذ بزوجي يعمد إلى سراج ليشعله ،وفي تلك الأثناء إذ بقذيفة تدُك منزلنا الصغير ،وتزهق روح زوجي، ليبقى مدفوناً تحت الحطام، لأصحو من كابوس مخيف وقد بُترت رجلاي لأبقى على كرسي متحرك مدى الحياة ! بعد أن أخفى معالم أسرتي العدوان . أمل عبدالله القضيبي -الرياض