في محطتها في فيينا تكون رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-حفظه الله- للحوار بين الأديان والثقافات قد تبلورت في ملامحها النهائية عبر استقرارها في المبنى الذي تم تدشينه أمس بمشاركة حوالى 600 شخصية عالمية معنية بالأهداف الخيرة لتلك الرؤية التي يأتي في مقدمتها التركيز على المشترك الإنساني الذي يربط بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة، حيث من المؤمل أن يكون هذا المركز الذي يحمل اسم المليك المفدى ملتقى للحوار بين أتباع الديانات والثقافات المختلفة وجسرًا للتواصل بينهم ومركزًا لترسيخ مفهوم السلام والتعايش بين المجتمعات الإنسانية ومنتدى لتعزيز ثقافة التنوع والاستماع إلى الآخر واحترامه بعيدًا عن ثقافة التطرف والتعصب والعنف التي تنبذها كافة الأديان. المبنى العتيد الذي يحتضن هذا المركز الحضاري العالمي الجديد الذي يقع في قلب أوروبا في مدينة فينا كمعلم بارز يضاف إلى معالمها الحضارية العديدة، سيكون بإذن الله جسرًا للتواصل بين منطلق رسالة الإسلام الخالدة التي حملت للعالم أبلغ معاني المحبة والسلام والتعايش من خلال المبادئ العظيمة التي دعت إليها، وبين تلك المدينة التاريخية العريقة التي أضحت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية واحدة من أبرز عواصم السلام والحوار بين الأديان والثقافات والحضارات. هذا الإنجاز الكبير لخادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- الذي تحقق أمس على أرض الواقع إنما جاء تتويجًا لمسيرة طويلة من الجهد المضني بدءًا من لقائه -رعاه الله- مع بابا الفاتيكان بيندكت السادس عشر قبل نحو خمس سنوات ليعلن انطلاق "مبادرة الحوار بين أتباع الأديان"، لتتوالى بعد ذلك اللقاءات والمبادرات التي لعب فيها المليك المفدى الدور الريادي وصولاً إلى محطة فينا التي شهدت أمس ثمرة ذلك الجهد الكبير عبر هذا التجمع العالمي الذي ضم ممثلين من القادة والمرجعيات الدينية والمختصين وممثلي الثقافات المختلفة إضافة إلى رجال الفكر والكتاب والإعلاميين من شتى أنحاء العالم، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ومعالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي للمشاركة في هذا الحدث الهام في مضمونه وتوقيته وأهدافه والآمال المعقودة عليه.