جاء في الخبر الأول: وقُتل في الحادث رجل تصادف وجوده في الموقع لحظة الحادث. وفي الخبر الثاني: وقد قضى كلُّ مَن كانَ في السيارة المقلوبة، والتي تضم عائلتين، ولم ينجُ من الحادث سوى طفل رضيع وُجد على الرصيف. وفي الخبر الثالث: وافد يجرفه السيل، يسقط في حفرة ويموت بصعق كهربائي. وفي الخبر الرابع: إغلاق مستشفى بالكامل على إثر وفاة طفل، والتحقيقات تجري لكشف الأخطاء الطبية التي تكررت، والموظفون بالمستشفى يخشون تسريحهم من عملهم الذي يوفر لهم لقمة عيشهم. أمّا الموضوع الخامس فهو مقطع من مقال للكاتب خالد السليمان جاء فيه (نجحت أنظمة الشعارات العربية على مدى 60 عامًا في خلق أجيال من الشعوب العربية تؤمن بأن المعركة مع العدو الإسرائيلي معركة مؤجلة إلى الأبد، وقدمت لهم في المقابل معركة أخرى على الورق هي معركة الصمود والتصدّي والممانعة الوهمية). لك الله أيُّها العبد، تنظر إلى السماء، وتقلب كفيك في الهواء، وتلهج بالدعاء، ولا تدري إلى أين تتجه في خضم هذا العالم المتلاطم بالأخطار التي تتهددك أنّى ولّيت وجهك، كأنّ كلَّ منعطفٍ في الطريق يرمي إليك بسهم، قد يخطئك اليوم، ولكن الليالي حبالى، ولست تعرف على كل المستويات سوى أن العالم يمور بالمآسي. ومع أن هذه الحناجر في المنابر تردد كلامًا حسنًا، فإن واقع العالم اليوم يوحي بتغلغل مشاعر الخوف والتوجس داخل النفوس، وإنه لأمر عجيب وغريب أن يبدأ العام الهجري الجديد، وحين تفتح أذنيك تسمع كلمة العدوان، وتفتح عينيك فترى الدخان والنيران، وتتأمل عالمك العربي فترى الضعف والهوان، ومن الواضح أن هذه الحوادث والمواقف الجزئية هي جزء من منظومة كبرى من المآسي التي تمثل التكوين الحقيقي لطبيعة حياة الشعوب العربية التي كتب عليها الشقاء في عدم فهم حقيقة أنفسها ومتطلباتها، وما يجب عليها أن تقوم به تجاه أبناء جلدتها أولاً، والارتقاء بأساليب حياتها، وبناء الإنسان فيها، والإخلاص في أداء مهامها، ومعرفة الحدود التي يجب أن يقف عندها كل واحد فيما أسند إليه من عمل، وأن يعمل الجميع بروح الفريق الذي يحترم حق كل أحد ممّن حوله؛ لأن تلك الحوادث والمواقف هي نتاج للتقصير في الأداء، والتهاون في الأنظمة، وعدم تقدير المسؤولية والواجب، وذلك كله يفت في عضد هيكل الأمة التي تشغل أنفسها بمظاهر الدعاء، وقلوبها هواء وتسعى لإرضاء الآخر، هكذا ينسى الإنسان نفسه التي توزعت وتفرقت، حتى أن بعضهم لن يستطيع الجواب لو سألته، يا هذا عبد من أنت؟