يحقُّ للمملكةِ -ملكًا، وحكومةً، وشعبًا- أن تفخرَ بانتصارٍ تحققه كلَّ عامٍ في نفسِ الزمانِ والمكانِ، عندما تتكللُ جهودها في توفيرِ الراحةِ والأمنِ والطمأنينةِ لحجاجِ بيتِ الله الحرامِ، ضمن جهودٍ جبارةٍ يشاركُ فيها المواطن والمسؤول في تناغمٍ فريدٍ، يعكسُ شعارًا دائمًا يرفعه الجميع: "خدمةُ الحجيجِ شرفٌ وأمانةٌ ومسؤوليةٌ"، حيث يبدأ الوطن مع نهاية كل موسم حج إلى الإعداد للموسم التالي؛ ليكون سقف طموحاته أكثر ارتفاعًا في توفير المزيد من الخدمات التي تحقق قدرًا أكبر من الراحة، واليسر لضيوف الرحمن، بما يؤكد على أن بلادنا تنشد الكمال في تطلعاتها لكي تكون خدمة الحرمين الشريفين، والحجاج، والمعتمرين، والزوار هدفها الأسمى. نجاح موسم الحج هذا العام بكل مظاهره وتجلياته التي تحققت على كافة المستويات الأمنية والصحية والتنظيمية، يعكس حقيقة ساطعة بأن هذه البلاد الطيبة التي أعزها الله بالإسلام وخدمته، ونشر رسالته العظيمة، والعمل لصالح المسلمين جديرة بحمل أعباء تلك المسؤولية العظيمة، التي اختصها بها الله عز وجل. لا شك أن اجتماع أكثر من 4 ملايين حاج جاؤوا من كلِّ فجٍ عميقٍ لأداء الركن الخامس في الإسلام، وقد توحدوا بلباس واحد، وقلب واحد، ونفس واحد، على بقعة من الأرض لا تتجاوز بضعة كيلومترات، دون أي كوارث أو حوادث يستحق التمعّن، لكن كل عجب يزول عندما ندرك حجم الجهود التي تبذلها الدولة -أعزها الله- عندما تكرس كل ما تملك من إمكانات مادية وبشرية كي يتم تنقل الحجيج بين المشاعر المقدسة يكل أمن وأمان ويسر وطمأنينة ضمن لوحة رسمها كل أولئك الرجال المخلصين من أبناء الوطن، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وولي عهده الأمين سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وسمو وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبدالعزيز، وسمو أمير مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل؛ لكي تكون تلك اللوحة المبهرة عنوانًا لهذا البلد الأمين. اليوم وبلادنا تودع ضيوف الرحمن، وهم يغادرون إلى ديارهم سالمين غانمين، بعد أن مَنّ اللهُ عليهم بالحجِّ المبرورِ والسعيِ المشكور، فإنها تدعو الله عز وجل أن يقدرها دائمًا على النهوض بأعباء تلك المسؤولية على أكمل وجه، وأن يديم عليها هذا النصر الإلهي المبارك.