المشجعون للاستثمار في بيع وشراء الأراضي البيضاء، يقولون الأرض لا تأكل ولا تشرب، في دلالة على أنه أفضل استثمار لا خسارة فيه ولا مشقة، ولا تحتاج أن تسقي به أحداً أو تؤمّن له طعاماً، وهو بالمقابل أسوأ استثمار لاقتصاد البلاد، لأنها لا تؤكل ولا تشرب عباد الله الباحثين عن وظائف، ولا تفيد الشباب الباحث عن فتح بيوت لأجيال الغد التي تأكل وتشرب. لقد رفضت لجنة المساهمات العقارية السعر المقدم لشراء أرض المساهمة في المزاد الذي أقيم في منتصف شهر رمضان الماضي للبيع بالظرف المختوم لعدم مناسبة السعر الذي لم يتجاوز 188 ريالاً للمتر المربع، وقد كانت لعبة اتفق عليها بعض المضاربين أو بعض ما يُسمّون بالعقرجية في لغة السوق. لم توافق وزارة التجارة على السعر المغبون، لأنه يعني خسائر للمساهمين، فهو أقل من سعر شرائها، وأخيراً استطاعت بيعها عبر المزاد المباشر بين المؤسسات الحكومية المستثمرة وثلاث من الشركات الاستثمارية وباعتها بقيمة 768 مليوناً بواقع 240 ريالاً للمتر المربع لصالح المؤسسة العامة للتقاعد مناصفة مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بزيادة بلغت 27% عن السعر في المزايدة السابقة. اختلاف السعر لنفس المخطط في أقل من شهرين، يعني أن الأسعار في أسواق العقار مبالغ فيها، وليست هي الأسعار الحقيقية، وأن هناك فئة محتكرة للأراضي البيضاء ترفع الأسعار وتبالغ في رفعها ولا تتضرر من بقائها لفترات طويلة، بل لعشرات السنين، بدون منفعة للناس فهي أنانية، يراد منها كسب أكبر قدر من الأرباح لشيء لا يكلف صاحبه سوى نسيانه. الأراضي البيضاء ثلمة في اقتصادنا الوطني، ليس فيها تنمية، ولا توظف أحداً وليس لها قيمة مضافة للدخل القومي، ولا تفتح فرصاً وظيفية سوى للسماسرة، الأغلب من الوافدين، وتجمد قيمتها في تراب، وتشوّه منظر المدن، وتدفع بالخدمات لخارج المناطق العمرانية. أصحابها، يزايدون على أن سبب زيادة الأسعار قانون العرض والطلب، وأنه كلما شحت الأراضي في المدن التي تتوفر فيها خدمات، زاد الطلب، وترتفع معه الأسعار، فالأراضي كما يقولون لا تأكل ولا تشرب، ولا تحتاج رعاية ولا حراسة ولا موظفين، والمهم ليس عليها زكاة آخر العام.