سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وداعاً أبحر ؟! أهوّن على نفسي بالاستماع لآراءٍ تقول: إن جسر شرم أبحر وقطار الحرمين سيؤديان لتنمية المنطقة، الأمر الذي سيسرع بتنفيذ مشاريع الصرف دون الإضرار بالمياه
لعل هناك أحداثاً كثيرة مأساوية في المنطقة حولنا؛ تحول دون أن نفرح حقيقة في يوم عيدنا. وعلى مستوى محلي وشخصي أجد نفسي أُودِّع جزءاً كبيراً من طفولتي ومراهقتي وذكرياتي الجميلة التي عشتها في شرم أبحر. اليوم أتردَّد قبل أن أتذوّق السمك أو المأكولات البحرية في جدة فقط، بل أتردَّد قبل أن أنزل شرم أبحر، أو أسمح لأبنائي بالسباحة بالقرب من سواحله. وسأسرد بعض التصريحات والدراسات التي جعلتني أُودِّع أبحر الشمالية. جاء في تقرير بجريدة الرياض أعده الأستاذ عبدالرزاق الزهراني بتاريخ 3-12-2011 ما يلي: «منذ سنوات عديدة ومجاري الصرف الصحي تصبّ عبر (600) أنبوب في شواطئ جدة الجميلة مشوّهة جمال العروس؛ ومتسبّبة في أكبر تلوّث بيئي، ولن ينسى جميع سكان جدة «فاطمة» تلك الفتاة التي كانت برفقة أهلها على شاطئ جدة بعد تخرجها من المرحلة الثانوية بأيام، وعندما أعجبها منظر البحر سارت تمشي على قدميها في الماء وعندما اقتربت من مصبّات الصرف الصحي بدأت فجأة عملية التصريف لتتفاجأ بسيل عارم من تلك المصبات دفعها إلى أعماق البحر، ولم يتوصل الغواصون إلى جثتها إلاّ بعد (12) يوماً من غرقها». إنّ مدينة جدة تقع على شاطئ البحر الأحمر الذي يعتبر أفضل البحار بالعالم، من حيث تكويناته المرجانية وتنوّعه الحيوي والذي لا يوجد له مثيل حتى في المحيطات الاستوائية، ولكننا -للأسف الشديد- دمّرنا معظم التكوينات المرجانية الجميلة بمياه الصرف الصحي والصناعي.. د. علي عدنان عشقي - أستاذ مشارك بكلية علوم البحار بجدة. كما أوضحت د. ماجدة أبو رأس -عضو مجلس إدارة ونائب المدير التنفيذي المكلف بجمعية البيئة السعودية- أنّ تصريف مياه المجاري في البحر يعتبر جريمة بيئية كبيرة؛ وأضافت: إنّ مياه المجاري لها تأثير على النظام البيئي وسوف تضر البيئة والاقتصاد، بحيثُ يقل السمك أو تقل جودته ومواصفاته، وربما تحوّلت إلى أسماكٍ سامة، وهذا يضرب سوق السمك، وبالتالي يُؤثِّر تأثيراً سلبياً على الاقتصاد، مشيرة إلى أن مياه المجاري تحتوي على ميكروبات مرضية مثل البكتيريا والفطريات والطفيليات وبعض أنواع الطحالب، وربما تشتمل على السامونيلا أو تحتوي على فيروسات سامة لو شرب منها الأطفال أثناء السباحة، أو تعرض لها شخص وفي جسده جرح..! يشير بعض علماء البيئة أننا نحتاج إلى 15 سنة لإزالة تلك الأضرار، وكما يزيد الإيمان وينقص في قلب المؤمن، فإن التفاؤل يزيد وينقص في نفسي، وأهوّن عليها بالاستماع إلى الآراء التي تقول بأن جسر شرم أبحر وقطار الحرمين سيؤديان إلى تنمية المنطقة، الأمر الذي سيسرع من تنفيذ مشاريع الصرف الصحي دون الإضرار بالمياه وما تحتويه من خيرات.