كنا لا نجرؤ على التمدد أو الجلوس غير مستقيمين أمام والدينا ، و حين نقصر في واجب مدرسي نخشى أن يصعد الأمر لهما ، و لو انتقدنا أحد معلمينا بحضورهما وبَّخانا ، ولو شكونا عقاب المعلمة لهما قالا : تستحقون ما يفعل معلموكم ، و ربما زادا على عقابه عقاباً من عندهما . اليوم تأتي الطفلة لوالدتها باكية : المعلمة منحت زميلاتي ملصقاً ملوناً و أنا عاقبتني و لم تعطني شيئا ! فتسترضيها الأم و تأخذها لأكبر مكتبة و تشتري لها ملصقات الدنيا و تقول لابنتها : خذيها معك غدا و ضعيها على الطاولة أمام معلمتك ، دعيها تعرف أننا نستطيع شراء المكتبة كلها ! اليوم تخسر المؤسسة التعليمية إجمالاً و المعلم و المدير بشكل خاص إيجابية العلاقة بينها وبين الكثير من الأسر لأسباب متعددة ، بعضها يرتبط بخلل في التواصل ، و بعضها لسوء التواصل ، و بعضها لانعدام التواصل أصلاً ، و غالبا ما يحدث لأسباب التربية الخاطئة للأبناء حيث يربون على التمرد و استصغار المعلم و الاستهتار به و بإجراءاته ، و هذا ما يغيب عن أذهان الآباء الذين يقعون في هذا الخطأ وما قد يترتب عليه من نتائج وخيمة أول من يدفع ثمنها مستقبلا هم أبناؤهم ، حيث يتربون على قلة الاحترام و عدم الالتزام بشيء و يعتقدون أنهم فوق معلميهم و في غنى عنهم ، و تنتهي هذه الشخصيات في غالب الأمر إلى شخصيات مجوفة و فارغة و متعجرفة ، تشبه الطبول صوتها عالٍ وهي مفرغة لا محتوى لها . على الوالدين أن يضطلعا بدور تربوي جاد و أن لا يسيّرا المواقف في حياة أبنائهما بالفوضى و الاستهتار و التهميش ، و أن يفيدا أبناءهما من كل تجربة سلبية يمرون بها ، فعقاب المعلم و عتابه و صده و تهميشه للتلميذ ينبغي أن يستخدمه الآباء لدفع أبنائهم للتقرب من المعلم و استرضائه و إثبات الذات و إصلاح الخطأ ، و أن يعودوا أبناءهم على فضل الاعتراف بالخطأ و فضل الاعتذار و فضل احترام الكبير . النصيب الأوفر لغياب الاحترام في المؤسسة التعليمية مرده للآباء و مساهمتهم في تحريض الأبناء على التمرد و دعمهم حتى وهم ظالمون ، أو لسلبيتهم في ضبط سلوكيات أبنائهم و ردعهم و إلزامهم باحترام أنظمة المدرسة و منسوبيها ، وليت أن كل من لا يلتزم بأنظمة المدارس و يشكل خطراً على هيبتها من طلابها ينقل لمدرسة بعيدة تكبّد والده مشقة المواصلات ليضبط سلوك ابنه أو تحوله للمدارس الأهلية ليتكبد دفع الرسوم كغرامة تقصير في التربية ، و يدرك فضل ما فرط فيه بإهماله لابنه . [email protected]