لكل شي ضريبة فالتقدم المطرد الذي أحرزته التكنولوجيا لا يخلو من السلبيات والايجابيات وخاصة فيما يتعلق بوسائل وبرامج التواصل الاجتماعي والتي منها على سبيل المثال (chat,whatsApp,twitter.facebook ... ) ولاشك أنها من الوسائل التي قلصت المسافة بين أفراد المجتمع وبنفس الوقت زادت من الهوة بين أفراد ذلك المجتمع لان التواصل يتم عبر حلقة ضيقة ومحدودة ولا شك ان لها تأثيرا على النفس البشرية وذلك بفقدان وسائل التواصل الحقيقي والوجداني والتي تتم عن طريق لغات التخاطب مثل لغة تخاطب العين وتعابير الوجه والمصافحة اليدوية والابتسامة وتبادل المشاعر وكل ذلك تحثنا عليه الشريعة الإسلامية وكما أن لها فضلا دينيا ودنيويا ودلت على ذلك أحاديث عدة في فضل المصافحة والابتسامة وبسط الوجه والإنسان بفطرته اجتماعي ولكن إذا حصر التواصل الاجتماعي على تلك التقنية فقط فسوف تترك في نفسه اثارا نفسية يتطبع عليها ويدخل في دائرة العزلة وينعزل عن محيطه الاجتماعي مما يسبب له الكثير من الأمراض النفسية والتي في طليعتها الرهاب الاجتماعي والاكتئاب والقلق والانطوائية وضعف الروابط الاسرية بالمجتمع وتجد تلك الأنواع من البشر دائما معرضين للفشل في إقامة العلاقات مع الآخرين والاندماج في المجتمع وضعف المحاورة فمن المعروف ان وسائل التواصل الاجتماعي لا تبنى عليه صداقة جدية وفعلية وفي اغلب الاحيان تكون الصداقة وهمية بين الطرفين ومنهم من يتعرض للخداع ومن ثم الابتزاز فلو نظرنا الى عصرنا هذا لوجدنا ان الجرائم الالكترونية بازدياد وتعتبر هذه التقنية بنفس الوقت مفيدة جداً في العلاقات الاجتماعية إذا استخدمت بدون إفراط فيها ومن ايجابياتها أنها تجعلك تتحدث بأريحية وتعبر عن ما يدور في خاطرك وبدون خجل مع الطرف الآخر وعادة يتم النقاش فيها بخلاصة الموضوع وباختصار وتكلفة أقل ولكن من الضروري عدم جعلها الوسيلة الوحيدة للتواصل لكي لا نتعرض لما ذكر سابقا .ومن فوائد التواصل الاجتماعي الطبيعي حسب ما تَوَصَّل إليه فريقٌ بحثي أمريكي من جامعة «يونغ بريغهام» (إلى أنَّ قضاءَ وقتٍ سعيدٍ مع الأهل والأصدقاء يُقلِّل من خطر الموت المبكر بنسبة 50%، وصرَّح أعضاء الفريق بأن العَلاقات الاجتماعية القوية مفيدة للصحة مثل: التوقف عن التدخين ؛ حيث إن ضعف العَلاقات الاجتماعية يُوازي تدخين 15 سيجارة في اليوم ، وإن تراجع الحياة الاجتماعية يُعادل معاناة إدمان الخمر ، وتأتي أهميةُ العَلاقات الاجتماعية في أنها تزيد في صحة الإنسان أفضل من اللقاحات التي تمنع الإصابة بالمرض ؛ ذلك أن الإنسان خُلِق كي يعيش مع غيره، وأن عزلته عن الناس تُسبِّب له أمراضًا نفسية وصحية. وخلص الفريق البحثي إلى أنه : على الرغم من زيادة وسائل الاتصال والمواصلات ، فإن المجتمع لا يعيش أفراده التواصل الاجتماعي , فوجود العَلاقات الاجتماعية بين أفراد الأسرة يعني وجود المحبة ، والعاطفة ، والمودَّة،) ونشير هنا إلى أهمية الروابط الأسرية في المجتمع بعيداً عن التقنية من زيارات وتواصل فتلك الصفات الحميدة هي التي تزيد المحبة وتقرب النفوس وتطيب الروح وتعالج كثيرا من الأمور صحياً واجتماعياً وتجعل الأسرة متماسكة . سعد صلاح الذبياني – المدينة المنورة