إن بيشة من المناطق الغالية والتاريخية التي وردت في المراجع والمعاجم وذكرها كثير من الشعراء حيث قالت الخنساء: وكان إذا ما أورد الخيلَ بيشةً إلى هضب أشراك أقام فألجما تقع بيشة في الجزء الجنوبي من الوطن الغالي وتتبع منطقة عسير، وتعد واحدة من أبرز الواحات في المنطقة وقد اشتهرت عسير بخصوبة أراضيها ووفرة مياهها، وقد سعد الكاتب بالإقامة بمدينة بيشة عدة أيام في بداية عام (1408ه) واطلع على بعض معالمها وقد حمل معه أجمل الذكريات عن تلك المدينة الوادعة والواعدة ومن تلك الذكريات: كرم أهلها الملفت للنظر وسمو أخلاقهم، وحسن تعاملهم، واعتزازهم بمدينتهم، كما وقف على وادي بيشة الذي تنحدر منه أودية عسير وشهران وقحطان، وأخبره بعض الأهالي أن وادي بيشة إذا سال يحجز من أراد الوصول إلى أهله عدة أيام وقد تصل إلى أسابيع، وكان وادي بيشة أثناء زيارة الكاتب له يمثل غابة متكاملة من الأشجار الملتفة على بعضها ولاسيما شجر السلم والسدر وتذكّر أن أحد الشعراء أرسل سلامه إلى حبيبته في بيشة: فإن التي أهدت على نأى دارها سلامًا لمردودٌ عليها سلامُها عديد الحصى والأثل من بطن بيشة وطرفائها ما دام فيها حمامُها ورغم بعد بيشة عن ديار الشاعر المحب كثيّر عزّة إلا أنه خلّد بيشة في شعره حيث قال: إلى أرك بالجزع من بطن بيشة عليهن صيفن الحمام النوائح كأن القماريّ الهواتف بالضحى إذا ظهرت، قينات شربٍ صوادح وهناك أودية أخرى شهيرة مثل وادي ترج ووادي تبالة ووادي هرجات وعندما قدم المؤلف إلى بيشة (بداية عام 1408ه) من المدينةالمنورة كان يعتقد أن النخيل تتميز به بعض المناطق مثل خيبر والأحساء ولكن فوجئ بأن بيشة مركز هام للتمور حيث إنها تتميز بالنخيل تضاهي المدينةالمنورة وخيبر والأحساء والقصيم.وكم ذكرت بيشة حبًا حيث قال حميد بن ثور شعرًا خالدًا يصف الحبّ الحقيقي بقوة الكلمة مع عذوبتها: وَمَا هَاجَ هَذَا الشَّوْقَ إلاَّ حَمَامَةٌ دَعَتْ سَاقَ حُرٍّ تَرْحَةً وَتَرَنُّمَا إذَا شِئْتُ غَنَّتْنِي بِأَجْزَاعِ بِيشَةٍ أَوِ النَّخْلِ مِنْ تَثْلِيثَ أَوْ بِيَلَمْلَمَا مُطَوَّقَةٌ خَطْبَاءُ تَسْجَعُ كُلَّمَا دَنَا الصَّيْفُ وَانْجَالَ الرَّبِيعُ فَأَنْجَمَا مُحَلاَّةُ طَوْقٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ تَمِيمَةٍ وَلا ضَرْبِ صَوَّاغٍ بِكَفَّيْهِ دِرْهَمَا تَغَنَّتْ عَلَى غُصْنٍ عِشَاءً فَلَمْ تَدَعْ لِنَائِحَةٍ فِي شَجْوِهَا مُتَلَوَّمَا إذَا حَرَّكَتْهُ الرِّيْحُ أَوْ مَالَ مَيْلَةً تَغَنَّتْ عَلَيْهِ مَائِلًا وَمُقَوَّمَا عَجِبْتُ لَهَا أَنَّى يَكُونُ غِنَاؤُهَا فَصِيحًا وَلَمْ تَفْغَرْ بِمَنْطِقِهَا فَمَا! فَلَمْ أَرَ مِثْلِي شَاقَهُ صَوْتُ مِثْلِهَا وَلاَ عَرَبِيًّا شَاقَهُ صَوْتُ أَعْجَمَا وتاريخيًا تعتبر بيشة إحدى محطات الطريق التجاري المعروف بدرب البخور الذي كان يربط بين جنوب الجزيرة وشمالها. ويمر بها درب الفيل الشهير وبعد ظهور الإسلام أصبحت بيشة من أهم محطات طريق الحج القادم من اليمن حيث يلتقي فيها حجاج حضر موت وصنعاء والسراة كما يتوسط موقعها بين عسير والحجاز ونجد. ونضّر الله تلك الأيام التي قضاها الكاتب هناك.