صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية العدد التاسع من سلسلة «مراصد»، والتي تضم دراسة للباحث معتز الخطيب بعنوان: الإسلام و»الإرهاب» في الفكر الغربي: النماذج التفسيرية.. وخلفياتها. وتقوم الدراسة بحصر الرؤى والأطروحات المتداولة في المجال الغربي في هذا المجال، مع صوغها في نماذج تفسيرية كلية، ثم ربطها بأصولها وخلفياتها الفكرية التي تشكل الأطر الحاكمة لتلك الرؤى والتفسيرات، وعلاقة تلك النماذج التفسيرية للإرهاب بالأطروحات الاستشراقية والأنثروبولوجية البارزة. وتعد تلك النماذج حاصرة للرؤى والأطروحات، وشاملة للسياسة والثقافة والدين والاستراتيجيات، بحيث يكتمل المشهد الغربي مع الحرص على إبراز التنوع في تلك الرؤى، لتجنب الأحكام التبسيطية والاختزالية. ويتناول حصر الأطروحات الغربية في هذا المجال العديد من القضايا الحيوية ذات الصلة بموضوع الإرهاب، بدءًا بما يثيره المصطلح ذاته والمصطلحات المطوّرة عنه أو المبنية عليه مثل «الإرهاب الجديد»، «فرط الإرهاب»، ومحاولات إحالة الإرهاب إلى جذور دينية عقدية إسلامية، ومقولات مثل محضن الإرهاب، والطبيعة العنفية، وسؤال التفسير، والعلاقة بين الجهاد والإرهاب. ويعالج هذا الحصر أسئلة مهمة لا محيد عن طرحها، نحو: لماذا يعد الإسلام مبعثًا للعنف؟ ولماذا يتغذى العنف على الإسلام؟ وما علاقة أحداث 11 سبتمبر بالحداثة والعولمة، إلى غير ذلك من القضايا والإشكالات التي يفرضها الموضوع وتفريعاته من قبيل كيفية تفسير تناقضات السياسة الأمريكية في التعامل مع ما سمَّتْه الأصولية، والآن الإرهاب، وتفسير ذلك في ضوء أدلجة العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وحدود مراعاة الأيديولوجيا في السياسات الخارجية. وتقدم الدراسة حصرًا للرؤى والأطروحات الغربية الكثيرة والمتزاحمة، وتصوغها في نماذج تفسيرية كلية شاملة، وتضعها في سياق متصل يساعد على فهمها والربط فيما بينها، تمهيدًا للوصول إلى خلفياتها الفكرية والأيديولوجية التي تتحكم بها، ليتم بعد ذلك محاولة الإجابة على سؤال بالغ الأهمية، يتمثل في أسباب استعصاء الفهم الغربي للظاهرة الإسلامية بشكل عام، وللممانعة الإسلامية بشكل خاص، والتي يتم وسمها بأسماء شتى، كالأصولية والإسلام السياسي، والإرهاب الإسلامي، إلى آخر القاموس الذي لا ينتهي. ويتطرق الباحث إلى الكتابات الغربية حول الإرهاب والإسلام، مبينًا أن معالجات وكتب الإسلام، والإرهاب، تفاوتت في كتّابها وتوجهاتها ورؤاها، وعمقها، فتراوح مؤلفوها بين الدارس المتخصص والهاوي العابر، وصولاً إلى خبراء الإرهاب سواء في مكتب التحقيقات الفيدرالي مثل بول إل. ويليامز، أو في دوائر الأكاديميات والسياسة والاستراتيجيات من أمثال إيان ليسر وبروس هوفمان وديفيد رونفلت وجون أركويلا ومايكل زانيني. ويؤكد أن الغاية الأبرز من عدم تعريف الإرهاب، هي إخضاعه للحسابات السياسية ومصالح الأطراف الأقوى في المعادلة الدولية، التي تصوغ المفاهيم والتعريفات والرؤى بحسب بوصلة مصالحها الأمنية والاستراتيجية والقومية، بعيدًا عن أي إطار معياري وقيمي، فكلما ازداد المفهوم غموضًا أصبح أكثر عرضة للتطويع الانتهازي. وتتطرق الدراسة إلى ظاهرة ربط الإسلام بالإرهاب، ويقول الباحث: إنه لا يمكن الجدل في أن هنالك جدلاً واسعًا في الغرب حول الإسلام وعلاقته بالإرهاب، وأنه في وسط هذا الجدل هنالك تيار فكري وسياسي تنامى في الغرب وجاءت عمليات 11 سبتمبر وما تلاها فمنحته بعض المصداقية والوقائع التي يدعم بها خطابه. وتقدم الدراسة عرضًا تفصيليًا للنماذج التفسيرية والخلفيات الفكرية للإرهاب؛ ومنها التفسير الديني، والتفسير الثقافي، والتفسير السياسي، والتفسير الاستراتيجي، والتفسير الفلسفي. وتتطرق الدراسة في الختام إلى الفهم الغربي للظاهرة الإسلامية، ويقول الباحث: إنه لا يمكن نفي اضطراب الفكر الغربي في فهم الظاهرة الإسلامية، وخاصة الإرهاب. ويتناول الباحث في هذا الإطار أربع نقاط مركزية في هذا الاضطراب وهي: المفاهيم، والقيم، وحدود النظر، وإدراك السياق.