قال لي صديقي بعد أن خبط على الطاولة بفرح: وجدتها!. قلت: ماذا وجدت يا أنشتاين؟ قال: "فكرة" مشروع مضمون النجاح.. قلت: الآن هات "الفكرة" وبعد ذلك نرى إن كانت ناجحة أم لا؟ قال بعد أن غيّر نبرة صوته وجعله أثخن، وهي عادة له حين يكتشف أمرًا ما: تتلخّص الفكرة يا سيدي في فتح محلّ تقني لبيع اليوزرات النسائية، قلت: وضّح أكثر، فلا تزال غامضا، فضحك ضحكة مجلجلة وقال: الغموض هو لعبتنا في هذا المشروع، كل ما سنفعله هو إعداد فريق عمل وتجنيدهم في مواقع الإنترنت الاجتماعية بأسماء نسائية وبيع هذه الأسماء على السذّج والمنتفخين الذين يحبّون أن يسمعوا قرقعات الأصابع الناعمة ويتنعّموا بالردود المراهقة حتى وهم يعلمون أن من يقفون خلفها من ذوي الشوارب الكثّة، قلت: لحظة، لكنهم حين يعلمون تبطل اللعبة ويفشل المشروع، فقال: لا تزال خارج التغطية.. فهذا المشروع ليس معنيّا باصطياد الشباب، وإنما غايته استثمار الرغبة الملحّة والغرور والسطحيّة التي تغلّف بعض الساذجين الذين يحبّون الكذب على أنفسهم وعلى النّاس وذلك بالاتفاق معهم سرًا على توفير عدد كبير من اليوزرات النسائية لمتابعتهم وإشعال الضوء حولهم لاصطياد الفراشات الملوّنة، قلت: فهمت الآن. حينها سرد لي كل حكاية المشروع، وأوضح أنه سيصنّف اليوزرات إلى مستويات، ولكل مستوى ثمن اشتراك خاص بحسب اليوزر المطروح، فمثلًا سيعلو سعر اليوزر الذي يحمل اسم "حاطتك في عيونها" و"واطية على رقبتك" وما يدور في فلكه من مثل "حضنك الدافي" و"المدعوجة البنفسجيّة" على المستوى الأقل منه، وهكذا حتى نصل إلى الاشتراك الرمزي وبسعر زهيد في المستوى الذي يقبع في القاع من مثل "أمّ شالوش" و"عاشقة الضباع" و"مطاردة حتفها" و"أم كتف مايل"، وبذلك نضمن، إضافة إلى الأرباح، إيجاد وظائف رجالية ببراقع نسائية، ومن الممكن أن نتواصل مع نظام حافز لتزويدنا بالشباب الذين يحبون الطقطقة على رؤوس السذّج من مرتادي المواقع الاجتماعية. وبعد أن فرغ من طرح تصوّره الكامل عن مشروعه الجديد باركت فكرته وحماسه غير أنّي طلبت منه التريّث إلى ما بعد رمضان على الأقلّ حتى لا يشغل الناس في هذا الشهر المبارك، لكنه ضرب كفًا بكفّ وقال حانقًا هذه المرة: أنت لست خارج التغطية فحسب.. أنت خارج العالم! ألا تعلم أنّ زبائننا لا يكثرون إلا في رمضان، وأنّ العمل يزداد في هذا الشهر أكثر من غيره؟ بل عشره الأخيرة هي الأكثر حركة وضجيجًا، وبالتالي فبداية المشروع ستكون في أوّل ليلةٍ من ليالي الوتر. فقط فكّر لنا في صيغة إعلانية تجذب المشاركين قبل دخول العشر! [email protected]